المقالات

أخطاء شائعة في تربية الأطفال: 5 أمور نظلم بها الذكر بتمييزه عن الأنثى

يعتبر التمييز الذي تعاني منه النساء منذ طفولتهنّ خلال عملية التربية لصالح الرجل، أمرٌ يؤدي إلى ظلم الرجال مستقبلاً، فعملية تربية الأطفال، أكثر تعقيداً مما نعتقد، ومن المهم جداً فيها مراعاة الجندرة، وعدم التعامل بأي تمييز قائم على النوع الاجتماعي والسعي للمساواة الجندرية، وإلا فإن أبنائنا ذكوراً وإناثاً سيدفعون الثمن مستقبلاً.

بخلاف الكثير من المقالات الأخرى، التي تتحدث عن ظلم المرأة بدءا من التربية في الطفولة، سنتحدث في مقالنا هذا عن أثر تلك التربية التمييزية على الطفل الذكر، وكيف تظلمه بالدرجة ذاتها مع شريكته المرأة.

 

كيف نظلم الولد الذكر خلال عملية تربية الأطفال؟

تحميله أعباء كثيرة

غالباً ما يلجأ الأهل إلى غرس فكرة أن الولد الذكر مسؤول عن شقيقته أو شقيقاته البنات، وعليه حمايتهنّ انسياقاً مع الأفكار النمطية السائدة في المجتمع، لكن هذا الأمر الذي ينشئ فتاة ضعيفة الشخصية واتكالية ربما، يساهم في تنشئة ولد ذكر بأعباء كثيرة مستقبلاً.

ففي مرحلة الدراسة الجامعية سيشعر أنه مسؤول عن زميلاته الفتيات، ما قد يؤدي به إلى مشاكل كبيرة، وفي مرحلة حياته الزوجية، سيبقى مكبّلاً بتلك الفكرة لحماية زوجته وبناته، وتبقى الهواجس ترافقه لتزيد عليه من ضغوط الحياة، وبذلك فإننا نظلم طفلنا الذكر بتحميله ما لا طاقة له عليه مستقبلاً.

أما لو كانت عملية تربية الأطفال أكثر سلاسة، بحيث نقول لطفلينا الذكر والأنثى، أنتما مسؤولان عن بعضكما البعض، فساعدا بعضكما وتشاركا حماية أنفسكما، فإننا بذلك نساهم بإنتاج جيل من السيدات والرجال، يتشاركون المسؤولية دون أن يقع ضغطها الكبير على طرف واحد فقط دون آخر.

المثال السابق ينسحب كذلك على العديد من أخطاء تربية الأطفال وعدم المساواة الجندرية، التي قد نرتكبها دون أن ندري، على سبيل المثال حين نعوّد طفلنا الذكر على أنّه يجب أن يتنازل لأجل شقيقته “كونه صبي وعقله كبير”، لا يخلق لديه نظرة دونية فحسب، بل يمنع عنه مستقبلاً الكثير من الراحة فقط لأن “عقله كبير” وعليه القيام بالكثير من الواجبات قياساً بالمرأة سواءً كانت زوجة أو زميلة عمل أو جامعة.

تأطيره ضمن مفاهيم معينة

أنت صبي لا يجوز أن تبكي من أكبر أخطاء التربية الجندرية، والعبارة الأكثر استخداماً خلال عملية تربية الأطفال مع أبنائنا الذكور، تلك العبارة تؤدي مستقبلاً لتعليمه كبت مشاعره وعدم إظهارها، وربما خنق نفسه بها، فقط لأنه رجل ولا يجب عليه إظهار مشاعره والتعبير عنها لأنّها ضعف، لا تلوميه صديقتي فهذا أمرٌ سببه تربية خاطئة، وليس قطعة صخر موضوعة مكان قلبه كما تعتقدين ربما.

أنت صبي لا يجوز أن تلبس ثياباً ملوّنة ومزركشة، مفهومٌ آخر مدمرٌ على بساطته فهو يحرم الرجل من الاستمتاع بالحياة بكل ألوانها ليس فقط الملابس، سيبقى حبيس الألوان القاتمة التي تعوّد ارتداءها منذ الطفولة، ويُحرم من تجريب ألوان الحياة المختلفة، فللألوان إسقاطات نفسية متعددة، تساهم الملابس بها بشكلٍ أو بآخر.

أنت صبي ولا يجوز عليك تعلم الرقص، تميل غالبيتنا نحن الأمهات إلى تعزيز التمييز بين الرجل والمرأة من خلال عملية تربية الأطفال بتفنن واضح! فمثلاً وخلال العطلة الصيفية نحرص على إدخال طفلتنا بمدارس رقص الباليه ونحرم أطفالنا الذكور منها، وندخلهم إلى نشاطاتٍ أخرى نعتقد أنها أكثر ملائمة لهم تبعاً لنوعهم الاجتماعي، لكن هل سألنا طفلنا الذكر إن كان يود تجربة رقص الباليه، أو على الأقل تجريبها ليكتشف إن كان يحبها أو يمتلك هواية دفينة بممارسة هذا النوع من الرقص، بالتأكيد نحن لم نفعل ذلك، وربما نكون قد حرمنا طفلنا من نجاحاتٍ كبيرة مستقبلاً في هذا المجال.

ابني قوي!

غالبية الأسر في مجتمعاتنا الشرقية، تعتمد نظام تربية قائم على أن الولد الذكر يجب أن يكون قوياً متمرداً، والطفلة عليها أن تكون رقيقة لطيفة ومطيعة غالباً، فيغالون في تربية الأطفال لدرجة أن الطفلة تكبر مع فكرة الطاعة، بينما يكبر الولد على فكرة القوة، التي ستكبّده الكثير من الأعباء مستقبلاً، بينما لو فكّر الأهل أن ينشؤوا طفليهما على مبدأ القوة، ليتشارك كلاهما تلك القوة مستقبلاً فلا تعود الأعباء على أحدهما دون الآخر.

غالباً ما يحدث خطأ التربية هذا، بسبب كثير من التفاصيل البسيطة، أكثرها استخداماً، أن يبقى الطفل مع والده وإن تعرض لحادث ما يقول الوالد له “أنت قوي ولن يخيفك ما حدث”، بينما تبقى الطفلة مع أمها وإن تعرضت لحادث مشابه ستهرع الأم لحضنها والمسح على رأسها، وهنا من الصحيح تطبيق تعامل الأم والأب على الطفلين بالتدريج، مثلاً ضرب طفلي أو طفلتي رأسيهما بالطاولة، أولاً ينبغي عليّ احتضانهما، ثم أخبرهما أنه حادث بسيط وينبغي عدم تحميل الأمر أكثر من حجمه، ولا أمنعهما من البكاء بطريقة قاسية.

التربية الجندرية

تعزيز مبدأ الاتكالية

خلال عملية تربية الأطفال، تحرص الأم على تعويد طفلتها الصغيرة مشاركتها في بعض الأعمال المنزلية، وغالباً فإنّها تطلب إليها ترتيب أغراض أو غرفة شقيقها الذكر، الذي يكون منشغلاً بأمور التسلية كأن يلعب على الهاتف مثلاً، أو يشاهد التلفاز، ورغم أن هذا الأمر مدمّرٌ للفتاة مستقبلاً ويحمّلها مسؤولية المنزل كاملة بما يعزّز الصورة النمطية، إلا أنّه يخلق من الطفل الذكر شخصيةً اتكالية مستقبلاً.

قد تعتبرون الأمر بسيطاً أو مبالغاً به، لكن فكّروا مثلاً أن طفلكم هذا حين يكبر قد يسافر للعمل أو للدراسة في الخارج، وبالتالي لن تكون معه شقيقته أو أمّه، فكيف سيتصرّف من تعوّد على وجود شقيقة ترتّب له أشياءه، على ترتيبها، سيتكبّد في هذا المثال معاناةً إضافية، كانت لتكون أمراً اعتيادياً، فقط لو عوّدناه منذ طفولته على ترتيب أشيائه.

المثال السابق هو لأبسط مشكلة قد تواجه الطفل الذكر مستقبلاً، إلا أن الاتكالية التي اعتادها ستجعله يخسر الكثير من الفرص، وبذلك نكون قد ظلمناه ظلماً كبيراً من حيث لا ندري.

الدلال الزائد

في بعض المجتمعات يحصل الطفل الذكر على دلال كبير مقارنة بشقيقته الأنثى، وغالباً فإنّ أفضل الأشياء له، سواء الملابس أو الطعام أو الألعاب وأحياناً المصروف، ورغم أنّ هذه الفكرة الخاطئة في التربية قليلة الانتشار نسبياً اليوم، إلا أنّها موجودة للأسف، وتؤدّي إلى خلق شخصية أنانية للرجل مستقبلاً، فيظلم نفسه بها، ويجعل غالبية زملائه وزميلاته ينفضون عنه ولا يرغبون صداقته أو التعامل معه.

تلك أمثلة بسيطة من صلب حياتنا في أخطاء لا ندركها خلال عملية تربية الأطفال، التي تحتاج منا إلى وعي ونضج كبيرين، ومرونة أكبر لننجح بها، دون أن نظلم أطفالنا ذكوراً وإناثاً أيضاً، وثقوا بأن كل شيء يبدأ من التربية.

 

✨يسعدنا أنضمامكم لنا 👇

https://t.me/school_ksa

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock