أساسيات الشعر: الألفاظ والكلمات
أساسيات الشعر: الألفاظ والكلمات
الألفاظ والكلمات مدخلُ كلّ نصٍّ شعري. هي الكلماتُ الحقيقيَّة الدَّالة على تجربتك الشِّعريَّة. ترتبطُ الألفاظُ بالمعنى، كلَّما قويت ألفاظك قويت معانيك؛ لذا عليك اختيار اللّفظ المناسب والكلمة المُناسبة الّتي تُحقِّق المعنى المُراد، وتوحي بجودةِ العمل الأدبي.
عند اختيارك للألفاظ، ينبغي لك مُراعاة الآتي:
-
سهولةُ الألفاظ ورقّتها.
أتجربتك غزليَّة؟ إذًا استخدم ألفاظًا تنسابُ رقَّةً وعذوبةً. ابتعد عن الغريب والوحشي أو العامي السَّخيف. كُن سهلًا حتَّى وإن اقتربت من النَّثر.
عندما تتعجّب من شيءٍ، استخدم ألفاظًا تدلُّ على التَّعجب. عندما تصفُ بيئةً صحراويَّةً، استخدم الألفاظ الدَّالة على ذلك… وهكذا. كلّ موضوعٍ لهُ ما يُناسبهُ من الألفاظ. هذا لا يعني ألَّا تستعرضَ قُدرتك اللّغويّة لاستخدام ألفاظٍ جزلةٍ؛ ولكن استخدم الألفاظ القويَّة الرَّنانة دون تكلّفٍ أو إسفاف وطوِّعها لمعانيك.
-
الميلُ إلى الغريب.
استخدام الألفاظ الغريبة يُبرزُ قدرتك على التَّلاعب بالكلماتِ، وتدلُّ على مقدرةٍ لغويَّةٍ وأدبيَّةٍ فائقة. عديدةٌ هي الألفاظ الغريبة، هناك ألفاظٌ غريبة كلفظ (القرضاب) وهو السَّيف القاطع، لتدلّ على علوّ الهمّة والقوَّة والشَّجاعة، وألفاظ: (الصَّاب، خريت، غوارب، دريس الصّوى… إلخ) من الألفاظ الَّتي من شدَّةِ غرابتها استُغلقت على الفهم؛ ولكن لا تُكثر منها، قصِّر استعمالك لها، وحدِّد المواقف الّتي ينبغي لك فيها الّلجوء إليها.
غُربةُ الَّلفظِ تقودُ إلى غُربةِ المعنى أحيانًا، وغُربة المعنى تدلُّ على بديهيَّةٍ عالية. المُهمُّ ألَّا يكون المعنى جلفًا فتكرههُ النّفس، ولا تطيب له.
-
التَّرادف.
اللّغةُ العربيَّةُ لغةٌ ثريَّة، واسعة التَّعبير، والتَّرادف أحد سماتها، والتَّرادف هو أن تُعطي الكلمة الواحدة عدَّة معانٍ ودلالاتٍ بقدرِ ما يُتاح لها من الاستعمالات. أي: اختلاف اللّفظ مع اتّفاق المعنى. كقولك: (السّيف، المهند، القرضاب، الباتر،…) وهي ألفاظٌ تشتركُ في معنىً واحدٍ وهو السَّيف القاطع. (الصّل، الحيّة، الرقشاء) أيضًا؛ للدَّلالةِ على نوعٍ من أنواع الحيّاتِ. يدلُّ التَّرادف على براعةٍ لغويَّةٍ ويُوحي بالثَّراء المعجمي أيضًا، المُهمّ أن تعرفَ متى تقنصَ الألفاظ ذات الدّلالاتِ الواحدةِ ومتى تستخدمها ومدى مُناسبتها للتّعب��ر عمّا تُريد.
-
توالي المُتشابهات.
هي عبارةٌ عن لفظتينِ مُتتاليتينِ يجمعُ بينهما تشابهٌ في بعضِ الحروفِ مع الاختلافِ في المعنى. الأمثلة عديدة مثل:
- (اللّب) العقل، (اللّبب) موضع القلادة من الصَّدر.
- (سبي) الوقوعُ في الأسر، (سبسب) القفر والمفازة.
- (الغرب) خلافُ الشَّرق، (غارب) كلّ شيءٍ أعلاه.
- (بيان) خِطاب، (بنان) أطراف الأصابع.
- بين (ثُب وثوِّب) حيث (ثُب) بمعنى العودةِ والرُّجوعِ و (ثوّب) إقامة الصَّلاة والعبادة.
كثيرةٌ هي المتواليات المُتشابهات، المهمّ عدم التَّكلّف في استحضارها أو إقحامها في مواضعَ لا تليق بها.
-
المُشتركُ اللّفظي.
هو لفظٌ واحدٌ تشتركُ فيه عدَّة معاني مُختلفة. مثل كلمة (عين) حيثُ تُطلقُ على العينِ الباصرة، والجاسوس، وعين الماء. كلمة (غرير) حيثُ تُطلقُ على العيشِ النَّاعم، وأيضًا على حداثةِ السِّنِ لشابٍ لم تمحصه التَّجارب… وغير ذلك. يدلُّ استخدام المُشترك الّلفظي على تمكّنٍ لغويٍ.
-
إيثارُ ألفاظٍ مُعيَّنة.
توجدُ ألفاظٌ يكثر انتشارها في تجربةِ الشَّاعر عن غيرها. اصطباغُ معجم الشَّاعر بكلماتٍ تُناسبُ تجربتهُ الشِّعريَّة لا غرابة فيه. مثلًا كلمة (نهد) من أكثر الألفاظ استخدامًا في شعر نزار قبَّاني. هذه الكلمة تؤكِّدُ ما يسري في نفسِ الشَّاعر من عشقٍ لتفاصيل المرأة، وعفويته، وميله إلى الطّفولة… إلخ. استخدم الكلمة الّتي تشعر أنَّها تختصرُ كثيرًا من تجربتك، واجعلها رمزًا لك.
-
خلو الألفاظِ من اللّحنِ.
اللّحن: هو الكلامُ بوجهٍ يُخالف قواعد اللّغةِ العربيّة، باتّباع العوام في أقوالهم، كأن تقول: (قلسوة) والصَّواب: (قلنسوة) وجمعها قلانس. تقول العامَّة أيضًا: (حُرْشُف) للنَّبتِ كثير الشَّوكِ المُنبسطِ بالأرضِ، والصَّواب:(حَرْشَف). من الألفاظِ الَّتي لحنت فيها العامَّة أيضًا (رمد) إذ تقول العامَّة أصاب فُلانًا (رَمْدٌ) إذا رمدت عينيهِ، والصَّواب: (رَمَدُ) بالفتح، وحين تُستبدل كلمة (قنفذ) بكلمة (قنفط) للدَّلالة على الدّويبة الملبسة الظّهر بالشَّوك.
أساسيات الشعر: الألفاظ والكلمات – مدونة المناهج السعودية