إنشاء عن العفو والتسامح ودوره في بناء المجتمعات
إنشاء عن العفو والتسامح ودوره في بناء المجتمعات
إنشاء عن العفو والتسامح يعبر عن أهميته في المجتمع، فالتسامح من أسمى الصفات الإيجابية التي يتمتع بها الشخص، وهو دليل على وجود القوة والعطف بين الناس، فالمتسامح دائمًا ما يتمتع باحترام كبير بين الأفراد، ويكون محل ثقة لديهم، ولذلك وجدنا أنه من الواجب علينا أن نقوم بسرد بعض الكلمات في ذلك الصدد.
مقدمة عن العفو والتسامح
إن المتسامح والذي يغفر للناس هو شخص مثالي خالٍ من العيوب، فمن يقوم بمساعدة الناس ويحثّهم على ضرورة المغفرة لمن يسيء لهم إنسان يوجد قلبه تقي وصالح، كما أنه يسير في الطريق الصحيح، ونجد أن هناك عدة أنواع للتسامح سوف نتحدث عنها بشكل معبر في الجدول القادم:
النوع | التعريف |
التسامح في المعاملات | عبارة عن قيام الشخص بمسامحة من حوله الذين قدموا له الإهانة. |
التسامح العرقي | عدم التفريق بين المعاملات التي تكون بين الناس بالجنس أو العرق. |
التسامح الفكري | عبارة عن تقبل الآراء التي تصدر من الآخرين تجاهك. |
التسامح الديني | تقبل آراء الأشخاص المختلفين عنك في الدين. |
مفهوم التسامح
التسامح قيام الشخص بغفران كل الأخطاء التي تم ارتكابها تجاهه من الناس، كما أنه يعبر عن السلام الذي يتمتع به الشخص، فالتسامح من أبرز الصفات التي تنظر إلى سلوكيات الغير بشكل رحيم وبه مغفرة.
فهو من الصفات التي تضم العديد من القيم الإيجابية والتي من أبرزها الكرم، الحرية وأيضًا الاحترام والطيبة، ويحترم الشخص الحقوق الخاصة بالأشخاص المتواجدين حوله والتي تعبر عن آرائهم، فالتسامح هو تقبل الآراء بشكل رحب ونفس رحيمة وطيبة.
مفهوم العفو
عبارة عن وليد الثقة فالشخص الذي يتمتع بالتسامح والعفو هو من يمتلك ثقة كبيرة بالنفس تساعده بشكل كبير في الاهتمام بجميع الانتقادات من حوله وعدم تجريح الآخرين.
كما أنه يكون شخص متقرب من الله عز وجل بشكل كبير فتلك الصفات تقدم الدعم للهدوء النفسي الذي يمتلكه، فالشخص المتسامح هو الذي لديه الإمكانيات والقدرات على رد الإساءة الموجهة له، ولكن يتجنب القيام بذلك فيقوم بالعفو.
أثر التسامح والعفو
تمتلك تلك الصفات أثر كبير على الفرد والمجتمع فهو يلعب دورًا كبيرًا في إدخال السعادة والرضا في قلبه، فهو ما يجعله يمتلك القدرة على إمكانية التصرف عندما يواجه المواقف الصعبة المختلفة.
كما أثبتت الدراسات العلمية أن الشخص المتسامح يمتلك قدرات ذهنية قوية عن غيره، بينما هرمونات العصبية والغضب تكون منخفضة في جسمه مقارنةً بغيره.
فالعفو والتسامح يساعدان على الوقوف بشكل صارم في وجه الأعباء والأزمات التي يتعرض لها الشخص في حياته اليومية، كما أنه يتمتع بالصحة السليمة الخالية من المشاكل الصحية، وذلك لأن شخصيته تتمتع بالهدوء والاتزان.
يقلل العفو والتسامح من الجرائم التي ترتكب في المجتمع بشكل كبير وملحوظ وبالأخص في الآونة الحالية، كما يقوم بمنع العنف وآثاره في المجتمعات، وينتج عن تلك الأمور أن تعم المحبة والرحمة بين جميع أفراد الشعوب، وهو ما يجعل هناك استقرار في المجتمعات.
العفو والتسامح في القرآن الكريم
هناك العديد من الآيات الفاضلة التي منحنا الله عز وجل إياها، وتحثنا على ضرورة التسامح والعفو فهما من الفرائض، وهذا الأمر سوف نستشهد به في بعض الآيات التي خصصها الله عن غيرها كقوله تعالى:
(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حتى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [سورة البقرة الآية 109].
كما قام رب العالمين بتقديم النصائح لنا وأمرنا في كتابه العزيز بضرورة التمتع بالتسامح والعفو حيث إنه يقوم بمسامحة الناس وقبول توبتهم، فمن نحن حتى لا نسامح وذلك لما ورد في الآية:
(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ على خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [الآية رقم 13 سورة المائدة].
العفو والمغفرة في السنة النبوية
حرص الله عز وجل على التنويه على أهمية العفو والتسامح بأكثر من وسيلة، ولذلك كان للسنة النبوية نصيب كبير من هذا الأمر فقد قامت بتمجيد تلك الصفات، وذلك من خلال الاستشهاد الذي وُرد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث مثل:
“لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هاهُنا ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُ” [حديث صحيح رواه أبو هريرة].
مواقف عن العفو والتسامح
يعد موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حدث مع أهل مكة من أبرز تلك المواقف المذكورة، والتي تدل على أهمية التسامح والعفو، فقد دخل مكة عندما أمره الله بذلك وصلى بين جميع المشركين.
فكان هناك رجال قد قاموا بأذيته وتعذيبه بشكل بشع من أجل أن يمنعوا دعوته، وعندما قام بسؤالهم عن جميع الظنون التي تشغل بالهم تجاهه قالوا له أنت الأخ العظيم ابن الأخ الكريم فقام رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالعفو عنهم.
أما أبي بكر الصديق فقد تحدث بعض الأشخاص المنافقين عن زوجة رسول الله عائشة الفاضلة بشكل سيء، والذي كان من بينهم مسطح بن أثاثة وهو يعد من أقارب أبي بكر، وكان من الأشخاص الفقراء الذي يقوم أبي بكر برعايتهم.
فعندما قام رب العالمين بإثبات براءة عائشة رضي الله عنها من جميع التهم التي كانت موجهة إليها قام أبي بكر بحلف يمين الله أنه لن يقوم برعايته مرة أخرى، فعندما قام رب العباد بإنزال قرآنًا عربيًا يدعوا للعفو والتسامح عاد أبي بكر برعاية قريبه مرة أخرى اتباعًا لأوامر الله.
أما بالنسبة للموقف الذي تعرض له أحد الصحابة مع الأسرى، فالعرب قديمًا كانوا يتقاتلون من أجل الربح، ومن يتعرض للهزيمة هو الذي يتم أسره من أجل الحصول على المال.
فالشخص الأسير كان يتعرض للمعاملات السيئة والعنيفة كما كان يتعرض للذل، وعندما جاء الإسلام أزال جميع تلك الأمور والعادات المتبعة، وذلك عندما قام رسول الله والصحابة بأمر الناس بضرورة الإحسان لجميع الأسرى.
تعليم العفو
يعد العفو والتسامح من الصفات التي يتم اكتسابها فهي ليست فطرية داخل النفس، فالإنسان يتعلم ما يتم تربيته عليه من والديه، ولذلك يجب أن يتم تعليم جميع الأطفال الطرق التي تجعلهم يمتلكون قلوب صافية ورحيمة.
فيجب على الوالدين أن يعلموا أطفالهم الاعتذار لأنه من أبرز السبل التي تدل على العفو والتسامح، فمن الممكن أن يتم الاستعانة بالقصص الخيالية وقصص الدين التي تغرس في قلوبهم وعقولهم هذا الأمر.
كما يجب أن يقوم الوالدين بتعليم أطفالهم أن احترام الأشخاص لا يجعلهم يتعرضون للسخرية، وأن كل شخص يمتلك وجهة نظر خاصة به يحق له التعبير عن رأيه كما يحب ويرضى.
خاتمة الموضوع
إن العفو والتسامح هما السبيل الوحيد للقدرة على العيش بسلام، وحماية الشخص من خطر التعرض للنزاعات التي تنتج عن الكره والحقد الموجود في النفوس، والحصول على الحياة الكريمة.
ننصح جميع الأشخاص أن يلتزموا بما أمر به الله عز وجل في كتابه الكريم وسنة رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ من تحلي بصفات حسنة، لأن هذا هو مخرجهم الوحيد من تلك الحياة بقلب نقي وصالح