الهوية الجنسية فى مرحلة الطفولة
الهوية الجنسية فى مرحلة الطفولة
فى معظم حالات الولادة لا يستطيع احد ان يتاكد من كون المولود ذكرا او انثى حتى خروج جسم الطفل كله من قناة الولادة. وأثناء الأشهر العديدة الاولى يُعلن جنس الطفل للعالم الخارجى بشكل رئيسى عن طريق اللباس الذى يلبسه الطفل او طريقة تمشيط شعره وعمدما ينتقل الطفل الى مرحلة ما قبل المدرسة ثم يدخل مرحلة سنوات المدرسة الاولى، تتوسع دائرة المؤشرات التى تشير الى كونه ذكرا او أنثى لتشمل عوامل اكثر من اللباس او طريقة تمشيط الشعر.
أثناء السنوات الاولى هذه، يبعث كل الآباء والأمهات تقريبا رسائل واشارات عديدة توحى او تقول بكل وضوح، ما يعنى ان يكون المولود صبيا او فتاة. وفى الوقت ذاته يبدأ الوالدان بانتظار ظهور انماط من السلوك التى توحى ان الطفل قد قبل هويته الجنسية. ومن المحتمل ظهور قلق كبير لدى احد الوادلين قائلين ” ابننا يرسم الصور ويلعب بألعاب الفتيات ولا يستطيع ان يرمى الكرة من على بعد متر منه – هل يصبح مخنثا” أو ” ابنتنا تلعب كرة القدم أفضل من الصبيان ولا تريد ان تلبس الفستان- هل ستصبح انثى بكل معنى الكلمة”
ليس من اتفاق مطلق بين خبراء تنمية الطفل حول العوامل التى تشكل معرفة الطفل بجنسه او اتجاهه الجنسى النهائى. وهناك عوامل معينة من السهل التعرف بها وقياسها، وهى تساعد الآباء والأمهات الذين يرغبون فى تربية اولادهم ليقبلوا جنسهم برضى، على اكتساب الوعى والمعرفة والمهارات فى هذا المجال.
يولد كل مخلوق بشرى وفيه ما يدعى “فراغ ابوى” و “فراغ امومى” اى حاجة جلية للحصول على الاهتمام والقبول من أب او ام محبة. فاذا نرعرع الاولاد فى أجواء من المحبة الوافرةالتى يتم التعبير عنها شفويا او جسديا والاهتمام الايجابى والتأديب والانضباط من قبل الاب والام معا، فانهم سوف يكتسبون شعورا أساسيا بالثقة والقيمة الذاتية وارتياحا ايجابيا نحو هويتهم الجنسية. يتم تشكيل هويتنا الجنسية وتأسيسها فى مرحلة الطفولة المبكرة وخاصة بين السنتين وست سنوات لذا فان نوعية الوقت الى يصرفه الطفل مع بالغين من الجنسين الذين يؤكدون له المحبة والثقة عامل مهم وحاسم للطفل أثناء هذه السنوات
ماذا يحدث لو ان احد هذين “الفراغين” لم يملأ ؟ مع اننا نظن ان الفراغ يعنى الغياب الجسدى لاحد الوالدين فان كثير من الاطفال الذين يعانون مشاكل تتعلق بالهوية الجنسية يتواجدون مع أشخاص بالغين ذكورا واناثا حولهم. ولكن إما الاب او الام غائب عنهم عاطفيا، ان لم نقل انهما يلحقان الاذى بهم عاطفيا وجسديا.
تُصاب هوية الطفل بأضرار كبيرة بسبب الرفض المستمر او الانتقاد من قبل احد الوالدين من جنس الطفل نفسه هذه الحالة حقيقية بشكل خاص اذا ما ركز موقف السلبية بقسوة على الطريقة التى يعبر بها الطفل عن هويته الجنسية.
هناك حدود لقبول سلوك الطفل غير المشكوك فيه، سواء أكان سلوكه متعلقا بهويته الجنسية ام بأى شئ آخر ولذا ينبغى تصحيح هذا السلوك من وقت لآخر. اذا قرر الصبى مثلا ان يرتدى فستانا ويضع مساحيق التجميل على وجهه. فان على الوالدين ان يتدخلا ويؤكدا القوانين المتعلقة بارتداء الملابس كما يفعلون بالنسبة للانشطة اليومية الأخرى. واذا كانت اهتمامات الابنة غير منسجمة مع اهتمامات بقية الفتيات فى الحى الذى تسكن فيه. فقد تحتاج الى المساعدة للبحث عن صديقات تستطيع ان تشاركهن فى اهتمامتها واذا كان سلوك احد الاولاد غريبا او شاذا لدرجة ان يصبح معزولا عن بقية الا��لاد او يدفعهم لانتقاده ومهاجمته فمن المؤكد والملائم ان يبادر الوالدان لاحداث تغيير فى سلوطه لمنعه من اكتساب شعور مستمر بانه مختلف عن بقية الاولاد او ربما غير مقبول لديهم. فيجب القيام بهذه الاعمال دون ترهيب او سخرية مثلها مثل الجوانب الاخرى المتعلقة بتشكيل سلوك الطفل.
وباختصار، فان تطور الهوية الجنسية والتعبير عنها فى وقت لاحق عملةي معقدة يمكن توجيهها واعادة توجيهها بطرق متعددة. وكما فى الجوانب الكثيرة الاخرى من عملية تربية الطفل، لا توجد معادلات بسيطة تضمن نتائج ايجابية فى هذا المجال. ولكن من المفيد ان نعيد التذكير بثلاثة مبادئ مذكورة فى هذا الجزء انها فى جوهرها تنبيهات لتقدير كل طفل بوصفه هبة فريدة من الله. كما ان تنفيذ هذه المبادئ عمليا سوف يساهم فى وجود هوية جنسية مستقرة لطفلك ويعمل بشكل كبير لخيره ورفاهيته.
يحتاج الطفل الى الاهتمام والمحبة والتاكيد على الثقة من البالغين الذكور والاناث، سواء نشأ فى بيت يضم والدين أو والدا واحدا. هذه الحاجة هامة بشكل خاص فى مرحلة الطفولة المبكرة (خاصة من عمر السنتين حتى الست سنوات) ولكن الوقت ليس متاخرا للبدء فى سد هذه الحاجة فى حياة الطفل او المراهق واذا لم يتمكن والد الطفل او والدته من القيام بهذه المهمة، ينبغى للأقرباء او الاصدقاء ان يبادروا الى اظهار المحبة والمساعدة على سد هذه الحاجة.
يجب تأكيد قيمة الاطفال بناء على شخصيتهم وجنسهم، وليس بناء على ما يعتقده الآخرون بهم، مع امكانية السماح بتصحيح ملائم لمسارهم. ينبغى ان ينتبه الوالدان ولا يبعثا برسائل تعبر عن الرفض اذا بدا لهما ان اولادهما لا يلبون توقعاتهما بشأن سلوكهم الذكرى او الانثوى.
يجب قبول الطفل كليا كصبى او فتاة وتعزيزه وتشجيعه كما يقرره جنسه حتى لو كان احد الوالدين قد تمنى او رغب فى ولادة طفل من الجنس الآخر.
Source: الهوية الجنسية فى مرحلة الطفولة – مدونة المناهج السعودية