بحث عن القاضي إياس بن معاوية
بحث عن القاضي إياس بن معاوية..هو إحدى الشّخصيات البارزة والمشهورة في التاريخ الإسلاميّ العظيم، والّذي اشتهر بالذكاء والفراسة والنجابة منذ الصّغر وحتى موته، ومعرفة الشخصيات البارزة التي كان لها دورٌ في نشر الفضائل وتحقيق العدالة في الدّولة الإسلاميّة العظيمة أمرٌ لا بدّ منه
مقدمة بحث عن القاضي إياس بن معاوية
إنّ التعرّف على الشّخصيّات البارزة والمعروفة في العصور الإسلاميّة العظيمة أمرٌ مهم على المسلم القيام به، ليرى ما قدّمه الرّجال المسلمون لتوطيد أركان الدولة الإسلاميّة ونشر الفضائل والأخلاق الحميدة ونشر الأحكام الإسلاميّة الصّحيحة بين المسلمين، وإنّ القاضي إياس بن معاوية -رحمه الله- هو القاضي الّذي سطّر التاريخ سيرته الكريمة ومواقفه العظيمة خلال حياته، والّذي اشتهر بين النّاس بذكائه ودهائه ونجابته وصفاته الحميدة وأخلاقه الكريمة رحمه الله.
بحث عن القاضي إياس
نقدّم لكم في هذا البحث جوانب من سيرة القاضي إياس بن معاوية، وهو القاضي الذي عيّنه الخليفة عمر بن عبد العزيز في البصرة، ولقد كان من أفقه النّاس فيها، واشتهر بعظم ذكائه وفراسته الّتي ليس لها مثيل، وقد عُدّ أعجوبةً من أعاجيب الدّهر لفطنته وذكائه الكبير، حتّى مدحه الناس وصار يُضرب به المثل لشدّة ذكائه وفطنته.
ولادة ونشأة القاضي إياس بن معاوية
قاضي البصرة إياس بن معاوية بن قرّة بن إياس بن هلال المزنيّ، هو أحد التّابعين الّذين جاؤوا بعد الصّحابة الكرام، أبوه وجدّه كانوا من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو المكنّى بأبي واثلة، ولد في العام الهجري السّادس والأربعين في اليمامة، حمل هذا القاضي أفضل الصّفات وأعظم الأخلاق الّتي جعلت التاريخ الإسلاميّ يسطّر الكلمات عنه ويخلّد اسمه بين المسلمين، نشأ إياس بن معاوية في اليمامة، وقد ظهرت عليه علامات الذكاء ودلائل الفطنة والنجابة منذ صغره، ومن خلال مواقفه تبيّنت شدّة ذكائه وفراسته ونباهته، ولقد قال فيه أبوه: “إنّ الناس يلدون أبناءً وولدت أنا أبًا”، ولقد كان نعم الابن بارًا بوالديه مُحسنًا لهما، وكانت له الكثير من المواقف في صغره التي اُشتهر بها لتصرّفه الفطن والذكيّ فيها.
صفات القاضي إياس بن معاوية
اُشتهر القاضي إياس بن معاوية بالعديد من الصّفات العظيمة، والتي سنذكرها لكم فيما يأتي:
- الذّكاء الشّديد.
- الفطنة والنباهة.
- برّه بوالديه.
- كان فقيهًا من أفقه أهل البصرة.
- عجيب الفراسة.
- تام العقل.
- صادق الحدس.
- ملهمًا ووجيهًا.
جوانب من حياة القاضي إياس
كان القاضي إياس بن معاوية ذكيًا نبيهًا منذ ولادته، وفي صغره كان قد سمع شخصًا يهوديًا يقول ما أغبى المسلمين، وأحمقهم يقولون أن أهل الجنة يأكلون من غير حدث، فقال له إياس، أكلّ ما تأكله تحدثه، قال اليهودي لا، لأن الله جعل بعضه غذاءً، قال إياس فلم تنكر أن الله يجعل غذاء أهل الجنة كله فائدة لهم، فبهت الكافر، وقد كان القاضي إياس ملهمًا صادق الرؤيا، وقد رأى ذات ليلة أنه يسابق أبوه على حصانين، فما سبقه ولا كان خلفه، فلما كان آخر لياليه، قال أتدرون ما هذه الليلة؟ قال هي ليلة أستكمل فيها عمر أبي، فنام وأصبح ميتًا.
ذكاء القاضي إياس بن معاوية وفطنته
كان ذكاء القاضي إياس وفطنته كبيرين للغاية، وفي أحد المواقف التي تدل على ذلك، أن إياس كان جالسًا في قومٍ ذات يوم، فرأى رجلًا من بعيد جلس على مكانٍ مرتفع ويراقب الطريق، فسألهم إياس ما تقولون في ذلك الرجل، قالوا هو رجل يطلب حاجة، فقال إياس بل هو معلم صبيان ضاع له غلامٌ أعور، فسلوه عن أمره، فقال لي غلامٌ قد زاغ وضاع، وإحدى عينيه ذاهبة، فتعجب القوم وسألوا إياس كيف علم بذلك، فقال رأيته يطلب أمرًا يجلس عليه فاختار أرفع مكان، ولا يفعل ذلك إلا الملوك، فنظرت إلى هيئته وهي ليست لملك فعلمت أنه معلم، وقد نزل واستقبل رجلًا أعمى وكأنه احتار بينه وبين غلامه من مشيته.
إحدى القضايا الشهيرة التي تدل على ذكاء القاضى اياس
كان القاضي إياس أحد أعظم القضاة في عصره، بل على مر العصور، ومن القضايا الشهيرة التي تدل على ذكائه، وفهمه أن شخصًا أودع لدى آخر كيس من الدنانير، ثم انصرف عنه خمس عشرة سنةٍ كاملة، فكان من وُضع عنده الكيس أن سولت له نفسه ففتق الكيس من أسفله، وأخذ الدنانير وأبدلهم بدراهم، وبقي الكيس في ظاهره كما هو، ولما عاد المودع اختصم إلى إياس، فسأله إياس منذ كم أودعته، فقال منذ 15 سنة، فقال المودع لديه صدق، بحث القاضي إياس ففتح إياس الكيس وفحص الدراهم، فوجدها مضروبة منذ أقل من عشر سنين، فأمر المودع لديه برد الوديعة.
عزل القاضي اياس من القضاء
كان في البصرة واليًا يسمى عدي بن أرطأة والذي انتصر لواحدٍ من الرعية ورد عله زوجته بعد طلاقها، ولكن إياس بن معاوية قضى عكس ذلك، وذاك الرجل هو المهلب بن القاسم الماجن السكير، طلب من زوجته ذات ليلة أن تشرب الخمر معه، وأقسم عليها أنها طالق إن لم تشرب، وانكسر الكأس فلم تشرب، وانصرفت مسرورة، وأصر المهلب أنه لم يطلقها.
مضى والد المهلب إلى عدي بن أرطأة يشكو أهل امرأة ابنه إليه بأنهم أخذوها من المهلب عنوة، فأمر عدي بن أرطأة برد المرأة عليه، لكن المرأة خاصمت زوجها عند إياس القاضي العادل، فحكم بوقوع الطلاق البائن الذي لا رجعة فيه، وهدد زوجها بالرجم لو قربها، فدبر الوالي مكيدةً لعزله واتهمه بقذف المهلب، فعزله واستخلف بدلًا من القاسم بن ربيعة، وقد اصطنع شاهدين لهذه الواقعة، لكن إياس هرب إلى واسط بذكائه.
أقوال للقاضي إياس بن معاوية
كان القاضي ابن إياس شديد الذكاء والفطنة والبلاغة، وكان حكيمًا لا ينطق إلا من الدرر، وقد قيل إنه لا يوجد فيه عيب، إلا أنه يعجب بمقولته، وقد ورد عنه أنه قال ما يأتي:
- “امتَحَنتُ خِصال الرِّجالِ؛ فوجدتُ أشرفها صِدق اللِّسان”.
- “ما بُنِيَ على غير أساس فهو هباء، وكل ديانةٍ أُسِّسَتْ على غَير ورعٍ فهي هباء”.
- “من عُدِمَ فضيلة الصِّدق؛ فقد فُجِعَ بأكرمِ أخلاقه”.
- “البُخْلُ قيد، والغضب جنون، والسُّكْرُ مفتاح الشَّر”.
- “إيَّاك والشَّاذ مِنَ العِلم وإن قَل، لأنَّه مما يصيب صاحبه الذِّلة”.
- ” أما عجبكم قولي؟ قالوا: نعم. قال: فأنا أحق أن أعجب بما أقول.
وفاة القاضي إياس
توفّي القاضي إياس -رحمه الله تعالى- في العام 122 للهجرة المباركة والموافق لـ 740 للميلاد، وقد توفي وهو ابن ستة وسبعون عامًا، واُشتهر عنه أنّه قال في العام الّذي مات فيه: “قد رأيت في المنام كأني وأبي على فرسين فجريا معًا، فلم أسبقه ولم يسبقني، ولقد عاش أبي ستًا وسبعين عامًا” وقيل إنه مات في الليلة التي استكمل فيها هو عمر أبيه، أي مات بمثل العمر الّذي مات فيه أبوه -رضي الله عنه- وأرضاه.
خاتمة بحث عن القاضي إياس
الحمد لله الّذي أعاننا على إتمام هذا البحث، وذلك كلّه فضلٌ ونعمةٌ من الله تبارك وتعالى، ونذكّر الإخوة المسلمين والمسلمات بأهميّة الاقتداء بهذه الشّخصيات العظيمة واتّباع أخلاقها الكريمة، فقد كانت رموزًا وشواهد على عظمة الإسلام، ولقد كان القاضي إياس بن معاوية من خيرة القضاة الذين عدلوا بين الناس ولم يظلموا أحدًا وتفوقّوا بذكائهم على معلّميهم، فكانوا من أفضل الناس في عصورهم، والحمد لله رب العالمين.