بحث عن بر الوالدين في القرآن الكريم .. أنزل الله على عباده فيضًا من رحماته ونعمه، ومن رحمته بهم أنزل لهم القرآن الكريم ليكون سبيلًا لهدايتهم وإخراجهم من الظّلمات إلى النور، واتّباعهم للهدى، وقد بيّن الله تعالى في القرآن الكريم كبائر الذّنوب وصغائرها، وحذّر منا أشدّ التحذير، وأمر باجتنابها، ومن أكبر الكبائر الشّرك بالله تعالى، ومن بعدها تأتي الكبائر الأخرى وأهمّها عقوق الوالدين، وقرن الله في هذه الآية بين الشّرك به سبحانه وبين برّ الوالدين، وهذا دليلٌ عظيمٌ على أهمية بر الوالدين والويل لمن عقّهما، وفي بحثنا هذا سنتعرّف على مكانة برّ الوالدين وأهميّته في الشريعة الإسلاميّة.
بحث عن بر الوالدين في القرآن الكريم
يعدّ برّ الوالدين من العبادات والطّاعات الّتي أمر بها الله عباده المسلمين، وقد ذُكر برّ الوالدين في الق��آن الكريم في عدّة مواضع، كذلك تحدّث عنه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الكثير من أحاديثه الشريفة، وقد تم بيان أهميّة هذه العبادة العظيمة والعقوبة التي تنتظر كلّ عاق، وفي الآتي سنستعرض فقرات بحث عن عبادة بر الوالدين في الشّريعة الإسلاميّة:
مفهوم بر الوالدين
بر الوالدان هو عبادةٌ عظيمة وعملٌ صالحٌ يتقرب به العبد المسلم من ربّه تبارك وتعالى، وهو وظيفةٌ كلّف الله تعالى بها الأبناء، ويعرف البر أنه الإحسان للوالدين قولًا وفعلًا وطاعتهما فيما يرضي الله -تبارك وتعالى- وصيانتهما والدّفاع عنهما وخدمتهما بقدر المستطاع، وقال القرطبي في تفسير آيات الإحسان للوالدين والبرّ بهما: “الإحسان إلى الوالدين برهما، وحفظهما وصيانتهما وامتثالٌ لأمرهما، وإزالة الرّقّ عنهما وترك السلطان عليهما”، وفي برّ الوالدين والإحسان إليهما سعادةٌ، وأجرٌ عظيمٌ يهبه الله للمسلم في الدّنيا والآخرة.
أهمية بر الوالدين
قد بيّنت آيات القرآن الكريم والأحاديث المباركة التي تحدّث عن برّ الوالدين أهميّة هذه العبادة العظيمة ومكانتها، وتتلخص أهمية بر الوالدين في النقاط الآتية:
- فيه طاعةٌ لله -تبارك وتعالى- وطاعةٌ لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حيث أمر الله تعالى ببرّ الوالدين، وأوصى به رسول الله في سنته المباركة.
- هو سببٌ من الأسباب التي توصل المسلم إلى الجنان يوم القيامة بإذن الله تعالى، وذلك ما دلّت عليه السنة الشريفة.
- برّ الوالدين وطاعتهما واحترامهما من الأسباب الّتي تزيد من المحبّة والألفة بين الوالدين والأبناء، ومن الأسباب التي تدفع المشاكل والحقد والكراهية.
- هو بمثابة الشّكر والامتنان لهما على ما قدّماه للأبناء من الرعاية والحماية منذ ولادتهم، وحتى اشتدّ عودهم وأصبحوا من الراشدين العقلاء.
- برّ الوالدان سببٌ في أن يُطاع المسلم من قبل أولاده في المستقبل فما جزاء الإحسان إلّا الإحسان.
بر الوالدين في القرآن الكريم
أمرنا الله تبارك وتعالى ببرّ الوالدين، وبيّن أهمّية برّهما وطاعتهما في العديد من الآيات الكريمة في القرآن العظيم، وسيتمّ ذكر بعض الآيات الكريمة التي أوصت ببر الوالدين والإحسان إليهما:
- قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}.
- قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
- قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
بر الوالدين في السنة النبوية الشريفة
في السنة النّبوية المباركة ذكر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من الأحاديث التي تبيّن للمسلم مكانة الوالدين في الإسلام وتبيّن أهمية برهما، ومن هذه الأحاديث نذكر الآتي:
- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “سَأَلْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ علَى مِيقَاتِهَا، قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ برُّ الوَالِدَيْنِ، قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ فَسَكَتُّ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي”.
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ -أحَدَهُما أوْ كِلَيْهِما- فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ”.
كيف يبر المسلم والديه
نصّ الإسلام على العديد من التّعاليم التي من خلالها يبرّ المسلم والديه في حياتهما، حيث يمكن للمسلم أن يبرّ والديه من خلال:
- تقديم الطاعة والاحترام لهما وتوقيرهما والإحسان إليهما وحسن معاشرتهما.
- عدم تفضيل الزوجة أو الأبناء عليهما في أيّ شيء.
- الاستمرار في زيارتهما والاطمئنان عليهما وخدمتهما.
- تقديم الهدايا المميزة لهما في المناسبات وبدونها.
- البعد عن التذمر والتضجر والتأفف في وجهيهما.
- مشاورتهما واستئذانهما قبل السفر.
- الإنصات لهما والإصغاء لهما وقت الحديث.
- خفض الصوت أثناء الحديث معهما.
- شكرهما على رعايتهما وتربيتهما والدّعاء لهما في كلّ وقتٍ وحين.
بر الوالدين بعد موتهما
إنّ بر الوالدين لا تكون فقط في حياتهما، بل تستمرّ إلى ما بعد موتهما، ويبرّ المسلم والديه المتوفيين من خلال الدّعاء لهما بالرّحمة والمغفرة والخير من الله تعالى، فدعاؤه يصلهما وينفعهما بإذن الله تعالى، كذلك يبرّهما المسلم من خلال الاستغفار لهما والحجّ والاعتمار عنهما وإخراج الصدقات باسمهما وقضاء ديونهما والوفاء بعهودهما وتنفيذ وصيّتهما.
عقوبة عقوق الوالدين
إنّ عقوبة عقوق الوالدين والبعد عن طاعتهما وبرّهما عظيمة ٌفي الدّنيا والآخرة، فلقد توّعد الله -سبحانه وتعالى- بمن عقّ والديه بدخول النار يوم القيامة ويخلد فيها، كذلك ذكرت الأحاديث النّبويّة المباركة أنّ الله يغضب على من أغضب والديه، ويطرده من رحمته ولا ينظر في وجهه يوم القيامة.
خاتمة بحث عن بر الوالدين في القرآن الكريم
إنّ المسلم الحقّ لا بدّ له أن بقوم بما أمر به الله تعالى وينتهي عمّا نهى، فيقوم ببرّ والديه وينتهي عن عقوقهما، لينال الجزاء الحسن من الله تبارك وتعالى في الدّنيا والآخرة، وينجو من عذابٍ أليم، ندعو الله تبارك وتعالى أن يجعل بحثنا هذا ذو نفعٍ وفائدة للمسلمين والأمة الإسلاميّة وأن يجعله صدقةً جاريةً ثقيلةً في الميزان، والحمد لله ربّ العالمين الّذي أعاننا على إتمام هذا البحث المتواضع، الحمد لله ربّ العالمين.
يسعدنا أنضمامكم لنا 🤩👇
https://t.me/school_ksa
