الكتب و المراجع و البحوث

بحث عن ليلة القدر

بحث عن ليلة القدر…ليلةُ القدرِ ليلةٌ عظيّمة تأتيْ في اللياليْ العشر الأخيّرة من شهرِ رمضانَ المُباركَ، وقد اختصّها الله -سبحانهُ وتعالى- بفضل وشأن عظيّم، وهي ليلة مُباركة يُقدر الله فيها سبحانهُ مقاديّر العبّاد، وأجر العمل الصالح فيها أفضل من أجر العمل مدّة ألف شهرٍ، وقد كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يتحرّى ليلة القَدْر في العشر الأواخر من شهر رمضان، ويجتهد فيها بالعبادات والطاعات ما لا يجتهد في غيرها، فقد ورد عنه أنّه قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)  وبهذا يجدر بالمسلم بَذْل الوُسع في المسارعة لأداء الأعمال الصالحة والعبادات في ليلة القَدْر، لِما لها من عظيم الأثر الحَسَن في الدُّنيا والآخرة.

بحث عن ليلة القدر
بحث عن ليلة القدر

بحث عن ليلة القدر

تُعَدّ ليلة القدر أهم ليلة في شهر رمضان، ويعود سبب تميُّزها إلى كونها الليلة التي أنزل الله فيها القرآن على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وفيها فضل عظيم للعامل فيها، وفيّما يأتي سنتحدثُ بشكل مُفصل عن ليلة القدرِ:

ما هي ليلة القدر

يتكونُ مُصطلحُ ليلة القدرِ من جُزأيّنْ، وهُما الليّلة، وهِيّ الوقتُ الذي يَمتّدُ منْ غروبِ الشمسِ وحتى طلوعَ الفجرِ، والجزأ الثانّي هوَ القدرُ، وقدْ تعددتْ آراءُ الفقهاءِ وأقوالَهم في بيانِ المَعنّى المُرادْ من القدرِ، استنادًا إلى بعض الأدلّة، ومنها: قوله -تعالى-: (وَما قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدرِهِ) فالمقصود هنا بالقَدر: التشريف والتعظيم، وهي ليلة ذات قَدْر بتنزُّل القرآن والملائكة فيها، ومن معاني القَدْر أيضاً: التضييق، كما في قوله -تعالى-: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) والمقصود هنا أنَّ التضييق في هذه الليلة هو إخفاؤها، وعدم تعيينها بوقت مُحدَّد.

سبب تسمية ليلة القدر

اختلف العُلماء في سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم، وبيان آرائهم فيما يأتي:

  • أنّ ليلة القدر ليلةٌ عظيّمة ذو شأن ومكانة، حيثُ أنزل الله -سبحانهُ وتعالى- بها القرآن الكريّم، لقوله -تعالى-: ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).
  • أن ليلة القدر تُقدر فيّها مقاديرِ العبادِ للسنّة التي تليّها، إذ يُطلع الله فيها الملائكة على تقديره لأمور السنة، قال -تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
  • القَدْر ليلةٌ نزل فيها الكتاب صاحب القَدْر، مع ملك ذي قَدْر، قال -تعالى-: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)
  • القَدْر في العبادة، أي أنّ العبادة فيها لها قَدْر عظيم.
  • القَدْر والشرف الذي يكون للعامل فيها، فالطائع والعابد في هذه الليلة يصبح ذا قَدْر وشرف.

فضل ليلة القدر

تختصّ ليلة القدر بالعديد من الفضائل العظيمة، والتي يُذكَر منها ما يأتي:

  • تُقدَّر فيها الأرزاق والآجال، وتكتب فيها الملائكة الحوادث، والأعمال، قال -تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
  • تمتلئ ليلة القَدْر بالسكينة، والأمن، والطمأنينة حتى طلوع شمسها، وفيها تتنزّل الملائكة بالرحمة، والسلامة، والخير لأهل الطاعة والإيمان، قال -تعالى-: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ*سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
  • يُعدٌّ العمل الصالحَ في ليلةِ القدر أفضلَ من عمل ألفِ شهر ممَا سِواها، كما أنّ العبادة فيها خيرٌ من العبادة في ألف شهر دونها، أي ما يقارب عمل ثمانين عامًا، لقوله -سبحانهُ وتعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).
  • تُغفَر فيها الذنوب، ويكثر فيها العَفو، والغفران، والتيسير لِمَن قامها مُحتسِبًا الأجرَ من الله -تعالى-، قال رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).

علامات ليلة القدر

تختصّ ليلة القدر بالعديد من العلامات، والتي يُذكَر منها ما يأتي:

  • تكونُ ليلة القدر في الليالي الوتريّة من العشر الأواخر في شهرِ رمضانَ المُباركَ، لحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (وَقَدْ رَأَيْتُ هذِه اللَّيْلَةَ فَأُنْسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، في كُلِّ وِتْرٍ).
  • تمتاز بالسكينة والطمأنينة، وراحة القلب، ونشاطه لأداء الطاعة، وتلذُّذه بالعبادة أكثر من الليالي الأخرى، وذلك بسبب تنزُّل الملائكة بالسكينة على العباد، قال -تعالى-: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ*سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
  • يتّصف لَيلها بالاعتدال، فقد وصف الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- هذه الليلة في الحديث الذي رواه جابر- رضي الله عنه- عن النبيّ أنّه قال: (إني كنتُ أُرِيتُ ليلةَ القَدْرِ ، ثم نُسِّيتُها وهي في العَشْرِ الأَوَاخِرِ من ليلتِها ، وهي ليلةٌ طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ لا حارَّةٌ ولا باردةٌ).
  • تظهر الشمس في صباحها شبيهةً بالقمر حين يكون بدرًا، حيث لا يكون للشمس شُعاع، وتكون مُستوية، فقد روى أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: (أنَّهَا تَطْلُعُ يَومَئذٍ، لا شُعَاعَ لَهَا).

وقت ليلة القدر

تقعُّ ليلةُ القدرِ في الثُلثِ الأخيّر من شهرِ رمضانَ المُبارك، كمَا ثبت في صحيح البخاريّ عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ)،إلا أنّ الأقوال اختلفتْ في تحديد ليلة القدر، فقيّل أنّها في الليالي العشر الأخيرة من شهرِ رمضان المُباركَ، استدلالاً بما رُوِي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ)، وقيّل إنّها في الأيام السبعةِ الأخيّرة من شهرِ رمضان، لِما ثبت من رواية الإمام البخاريّ عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (فمَن كانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأوَاخِرِ).

أعمال ليلة القدر

لا بدّ من استغلالَ ليلة القدر في الأعمال الصالحة، ومنّها:

  • قراءة القرآن الكريّم: فقدْ عدّ أهل العلم تلاوة القرآن في رمضان من علامات الجود التي تضمنها الحديث الصحيح الذي رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- حيث يقول: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وأَجْوَدُ ما يَكونُ في شَهْرِ رَمَضَانَ، لأنَّ جِبْرِيلَ كانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ في شَهْرِ رَمَضَانَ، حتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عليه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كانَ أجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ).
  • قيّام الليل: فقيام الليلِ من أفضل الأعمال التي تُقرب المسلم إلى ربّه، وهِي من أفضل الصلوات بعد الصلاة المكتوبّة، وفي قيّام الليل يتذوق المسلم لذة الايمان وحلاوته، ويتقرب من الله سبحانه، وينال الأجر والثواب العظيم.
  • كثرة الذكر والدعاء: في شهر رمضان تتضاعف الأجور، ويستجيب الله الدعاء، وقد أمر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بالإكثار من الدُّعاء بشكل عام، وسؤال الله -تعالى- الجنّة، والنجاة من النار بشكلٍ خاصّ، وأن يستصحب ذلك في أيّام السنة جميعها، وأفضل الأذكار هي الباقيات الصالحات الواردة في قوله -تعالى-: (والباقيات الصالحات)، وهُنّ: “سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلّا بالله”.
  • الاعتكاف: الاعتكافُ من أفضل الأعمال الصالحة في شهرِ رمضان، وقد كان النبي مُحمد -صلى الله عليّه وسلم- يعتكفُ في العشر الأواخر من شهر رمضان، لِمَا جاء عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ).

أحاديث عن ليلة القدر

هناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحدّثت عن ليلة القدر وعظمها وفضلها، وفيما يأتي ذكر لبعض هذه الأحاديث:

  • روت السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن النبي، فقالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سابعةٌ، أو تاسِعةٌ وعِشرِينَ، إنَّ الملائِكةَ تلْكَ الليلةَ في الأرْضِ أكثَرُ من عدَدِ الحَصَى).
  • رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (إن رجالًا مِن أصحابِ النَّبيِّ أُروا ليلةَ القدرِ في السَّبعِ الأواخرِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أروا ليلة القدر في السبع الأواخر فقال رسول اللهِ: إنِّي أرى رؤياكم قد تواطَأت على السَّبعِ فمَن كان متحرِّيَها فليتحَرَّها في السَّبعِ الأواخرِ)
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ هذا الشَّهرَ قَد حضرَكُم وفيهِ ليلةٌ خيرٌ مِن ألفِ شَهْرٍ من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ ولا يُحرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ)

أدعية ليلة القدر

ليلة القدر ليلة مباركة يستحب فيها الإكثار من الدعاء، وسنذكر بعض الأدعية التي يمكن للمسلم الدعاء بها وبغيرها من الأدعية فيما يأتي:

  • اللهمَّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ، في الدنيا والآخرةِ، اللهمَّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ، في دِيني ودنيايَ وأهلي ومالي، اللهمَّ استُرْ عوراتي، وآمِنْ روعاتي، واحفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذُ بك أن أُغْتَالَ من تحتي.
  • اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ، وتُعِزُّ مَن تشاءُ، وتذِلُّ مَن تشاءُ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ، رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما، تعطيهما من تشاءُ، وتمنعُ منهما من تشاءُ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك.
  • اللهمَّ إياكَ نعبُدُ ولكَ نُصلِّي ونَسجُدُ وإليكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نرجو رحمتَكَ ونخشى عذابَكَ إنَّ عذابَكَ بالكافرينَ مُلْحِقٌ اللهمَّ إنَّا نستعينُكَ ونستغفرُكَ ونُثْنِي عليكَ الخيرَ ولا نَكْفُرُكَ ونُؤمنُ بكَ ونخضعُ لكَ.
  • اللهم لا تفرّق جمعنا هذا إلا بذنبٍ مغفور، وعيبٍ مستور، وتجارةٍ لن تبور، يا عزيز يا غفور، اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، واجعل تفرّقنا بعده تفرّقًا معصومًا، ولا تجعل معنا شقيًا ولا محرومًا.

خاتمة بحث عن ليلة القدر 

ليلةُ القدر تقعُّ في العشرِ الأواخر من شهرِ رمضان المُبارك، وعلى المسلم أن يغتنمَ هذه الليلة المُباركة بالذكرِ، والقيّام، والدعاء، وقراءة القرآن الكريّم، وسؤال الله -تعالى- العِتق من النيران، والتعوُّذ منها، فالدعاء فيها مُستجابٌ، والاجتهاد فيه مرغوبٌ، ولذلك يتسابق العباد، ويحرصون على التوبة، والفوز برضا الله -عزّ وجلّ-، وتوفيقه، ونَيْل المنزلة الرفيعة، فقدْ قال سفيان الثوريّ: “الدعاء في ليلة القدر أحبّ اليّ من الصلاة”، وأفضل ما يدعو به المسلم في ليلة القَدْر العفو والمغفرة من الله -سبحانه-، وقال الإمام ابن القيّم -رحمه الله-: “لا سبيل للعبد إلى النّجاة إلاّ ّ بعفوه ومغفرته -جلّ وعلا- وأنّه رهينٌ بحقّه، فإن لم يتغمّده بعفوه ومغفرته، وإلاّ فهو من الهالكين لا مُحالة، فليس أحدٌ من خَلقْه إلاّ وهو محتاجٌ إلى عفوه ومغفرته كما هو محتاجٌ إلى فَضْله ورحمته”.

 

بحث عن ليلة القدر

.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock