تربويون لـ «الأنباء»: التعليم عن بُعد تجربة فاشلة والأفضل تطبيق النظام «المدمج»
تربويون لـ «الأنباء»: التعليم عن بُعد تجربة فاشلة والأفضل تطبيق النظام «المدمج»
أكد عدد من التربويين ان تجربة «التعليم عن بعد» والتي طبقتها وزارة التربية لاول مرة في تاريخها بسبب جائحة كورونا لم تنجح بالشكل المطلوب، مشيرين الى انه وبعد مرور اكثر من اسبوعين على البدء فيها لم نر على ارض الواقع مخططا لها، وكل ما شاهدناه عبارة عن محاولات واجتهادات من التواجيه الفنية والإدارات المدرسية ورؤساء الاقسام والمعلمين واهل الميدان، مطالبين بضرورة تطبيق التعليم المدمج وتيسير كل ما يضمن نجاحه من تقنيات واجهزة وتوفير انترنت قوي للمعلم والطالب.
وقالوا في تصريحات لـ «الأنباء» ان تجربة التعليم عن بعد لا تزال حلا مؤقتا فالمناهج غير مناسبة ووقت الحصة الدراسية أيضا 30 دقيقة وهناك فقدان للتفاعل المباشر بين المعلم والمتعلم، منوهين الى ان ذلك قد ينتج عنه ايضا مشكلات صحية ونفسية بدأنا نلمسها من بعض الحالات التي نرصدها بالتواصل مع أولياء الأمور.
وذكروا ان من سلبيات التعليم عن بعد تدخل اولياء الامور ومقاطعة المعلم اثناء تقديمه الدرس مما يؤدي الى اضاعة الوقت في عملية تنظيم فتح واغلاق «المايكات» من قبل المتعلمات وانشغال الام بأكثر من ابن في نفس الوقت، مؤكدين ان هناك عدم جدية من اولياء الامور مع انتهاء الاسبوع الثاني من الدراسة، وما زال كثير من المتعلمين لم يفعلوا البرنامج ولا يوجد اي تفاعل في الصفوف الثلاثة الاولى لأن المواد مسجلة. وفيما يلي التفاصيل:
في البداية قال امين سر جمعية المعلمين الكويتية عايض السبيعي ان التجربة لا ترقى حتى ان نطلق عليها تجربة لاسيما اننا لم نر على ارض الواقع أي غاية من الوزارة، مشيرا الى ان كل ما رأيناه عبارة عن محاولات واجتهادات من تواجيه فنية وادارات مدرسية ورؤساء اقسام ومعلمين وكانت مختلفة في نسبة ودرجة تطبيقها، ونسمع بالتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني ولكن هو برنامج موجود والكل يحاول ان يسد فيه الخانة امام المسؤول، وبعيد كل البعد عن الغاية والهدف المنشود، منوها الى ان المعلم لم يدرب بشكل كاف والمطلوب منه ادوار جديدة في ظل هذا النوع من التعليم ولا الموجه الفني الذي اسند إليه دورا جديدا اقتصر على متابعة التقنيات اضف الى ذلك القرارات العشوائية غير المفهومة من قبل المسؤولين، كل هذه الأمور ادت الى استياء الميدان وأولياء الأمور والطلبة.
وأضاف السبيعي: بخصوص العودة لكراسي المدرسة في هذه الاثناء وعدم وجود الاشتراطات الصحية والادوات التي تجعل من المدرسة بيئة صالحة للعودة فلا اعتقد الوضع يسمح بذلك موضحا انه مع تطبيق التعليم المدمج وتيسير كل ما يضمن نجاحه من تقنيات واجهزة وتوفر انترنت قوي، بالاضافة الى تقليل عدد الطلاب وتقصير ايام الحضور من يوم الى يومين والبقية تستكمل عن بعد والأهم من ذلك تجهيز عيادات وادوات طبية لبدء العودة، مشددا على ضرورة ان تبدأ وزارة التربية بوضع خطة متكاملة للعودة للدراسة بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية مثل وزارة الصحة.
التفاعل المباشر
بدوره، اكد مدير مدرسة عبدالرحمن العبدالجادر المتوسطة للبنين محمد الظفيري ان تجربة التعليم عن بعد لاتزال حلا مؤقتا جديدا ومفاجئا للكل، فالمناهج غير مناسبة لآلية التعليم عن بعد ولا وقت الحصة الدراسية 30 دقيقة، وهناك فقدان للتفاعل المباشر بين المعلم والمتعلم، مشيرا الى ان ذلك قد ينتج عنه ايضا مشكلات صحية ونفسية بدأنا نلمسها من بعض الحالات التي نرصدها بالتواصل مع أولياء الأمور.
وتابع الظفيري: آلية التقييم مرهقة فهي تعتمد اعتمادا كليا على الواجبات لجميع المواد الأساسية، ناهيك عن مصير المواد غير الأسياسية وحيرة التواجيه الفنية في التعامل والتعاون مع الإدارات المدرسية، مؤكدا ان التعامل مع التعليم عن بعد حل مؤقت ولا يمكن الاعتماد عليه إلا اذا تم اعتماد الدمج ما بين التعليم الواقعي على المقاعد الدراسية والتعليم عن بعد، صحيح أنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان، لكن التعليم عن بعد المطبق حاليا لا يمكن الاعتماد عليه في علاج المشاكل التي نعاني منها في إدارة المنظومة التعليمية بالكويت، مشددا على ان العودة لمقاعد الدراسة يجب أن تكون في الحسبان وفق أي آلية لا تخالف الاشتراطات الصحية.
وتطرق الى سلبيات التعليم عن بعد، مؤكدا انها كثيرة ومنها انعزال الطالب والاعتماد على الغش والتحصيل العلمي الضعيف جدا، ناهيك عن ان آلاف المعلمين في المدارس بلا عمل وعدم وجود مناهج تتوافق مع التعليم عن بعد حتى الآن، مشيرا الى انه لايزال المعلم والطالب وولي الأمر غير متمكن من مهارات التعلم عن بعد، ولا مجال فيه للحديث عن جودة التعليم من عدمه وكذلك غياب التنظيم والتحكم بين الطالب والمعلم ونزوح كبير للطلبة من التعليم الخاص إلى العام، لافتا الى ان الأخطر من كل ما سبق أن هناك حالات لأسر لا تستطيع توفير الأجهزة والاشتراكات لأبنائها وبالتالي فقد تخلق مشاكل اجتماعية جديدة.
أولياء الأمور
من جانبها، قالت مديرة مدرسة الشفاء بنت عبدالله الابتدائية للبنات اشواق الدوسري انه لا يوجد اي بديل مناسب ومجدي كالعودة الى مقاعد الدراسة، مشيرة الى انه ورغم سلبيات التعليم عن بعد الا انه هو البديل في ظل الظروف الراهنة وهو ما يضمن سلامة الطلبة، ومن سلبياته تدخل اولياء الامور ومقاطعة المعلمة اثناء تقديم الدرس مما يؤدي الى اضاعة الوقت في عملية تنظيم فتح واغلاق المايكات وانشغال الام بأكثر من ابن بنفس الوقت، لافتة الى الضغط الذي يعاني منه المعلم وخاصة بالمرحلة الابتدائية الذي يتطلب منه تسجيل حصص اعداد صباحي وتدريس مسائي.
وذكرت الدوسري ان هناك عدم جدية من اولياء الامور مع انتهاء الاسبوع الثاني ومازال كثير من المتعلمين لم يفعلوا البرنامج ولا يوجد اي تفاعل في الصفوف الثلاثة الاولى بسبب انها مادة مسجلة، كما انهم يحتاجون الى مهارات لا يمكن ان يكتسبها بالتعليم عن بعد، ومن الصعوبات التي واجهتنا في التعلم عن بعد اضافة وحذف الطالبات ومشاكل في تحميل المادة وعدم القدرة على اضافة الفرق الاساسية مما يضطرنا للتواصل مع الدعم الفني الذي يعاني من ضغط كبير.
في المقابل أكدت أن التعليم عن بعد مناسب للمراحل العمرية الكبيرة والخيار الناجح المتاح حاليا ولا يوجد بديل عنه ويفضل دمج التعليم عن بعد مع التعليم التقليدي والاستفاده من البرنامج مستقبلا، متمنية عودة الحياة الى سابق عهدها في أقرب وقت ممكن.
تجربة جديدة
من جهتها، قالت المعلمة مريم بن ناصر إن تطبيق نظام التعلم عن بُعد تجربة تعليمية جديدة على كل الفئات سواء أكان متعلمين أو أولياء أمور أو الهيئة التعليمية والإدارية، مشيرة الى أنها كمعلمة مازالت تجهل الكثير عن «تيمز» وتطبيقاته لضيق فترة التدريب، إضافة إلى إصابتي بفيروس كورونا ودخولي للمستشفى ما شكل عائقا أمام إتمامي للدورة التي طرحتها الوزارة للمعلمين.
وأضافت بن ناصر أن أغلب ما أقوم به هو تطبيق تجارب زميلات أو اجتهادات شخصية، وبالتالي قد يوقع المعلم في الخطر مستقبلا بسبب عدم تدريبه بالشكل الكافي، فيما يخص البرنامج التدريبي للمعلمين فللأسف تم إعداد الفيديوهات التوضيحية باللهجة العامية لإحدى الدول العربية، كما أنها لم تعدّ بعناية، متسائلة: هل تفتقد الكويت المؤهلين من حملة الاعتماد من شركة مايكروسوفت لإعداد الفيديوهات التوضيحية؟!
ولماذا لا يفعّل التدريب عن بعد للمعلمين ومن جهات تدريبية متخصصة أو تدريب لفترات بسيطة يوميا لتأهيلهم وإكسابهم المهارات والخبرات المطلوبة منهم؟، أما أولياء الأمور والمتعلمون فلم يتم تدريبهم أو إعداد محتوى الكتروني مناسب للفئات العمرية في كيفية استخدام التطبيق، مشددة على ضرورة إعداد محتوى مرئي لكيفية استخدام تطبيق «تيمز».
وتابعت: التعليم عن بُعد في هذه الفترة يمر بمرحلة انتقالية، لذلك يجب مراعاة الفترة العمرية وخصائصها، مثال على ذلك: طالبة الآن في الصف الثاني كان تعليمها في الصف الأول مباشرا، كيف لها أن تفهم وتستوعب المحتوى بطريقة غير مباشرة، إنها عملية صعبة على المتعلم أن يتقبلها في ظل الظروف القهرية التي يمر بها بعض أبنائنا المتعلمين كمرض أحد الوالدين أو انفصالهما أو وفاة أحدهما أو كلاهما، لافتة كذلك الى عدم مراعاة الفئة العمرية للمتعلمين عن وضع آلية التقييم التي ترهق جميع أطراف العملية التعليمية، وكيف يمكن لمتعلم في المرحلة الابتدائية أن يركز طوال تلك المدة دون أن يرى المعلم أو يتفاعل معه بطريقة مباشرة وأن يحل الأنشطة، كما أن عدم رؤية المتعلم أو سماع ردود أفعاله يشكل تحديا كبيرا لدى المعلمين، خاصة في المرحلة الابتدائية، كما أن الحالة الصحية للمعلم والمتعلم تؤثر في التعليم عن بعد، فليس الجميع يستطيع الجلوس طويلا أمام شاشات الحاسوب أو الآيباد، ناهيك عن الأضرار التي تسببها الأشعة الصادرة عن تلك الشاشات على المدى الطويل لكل الفئات.
وفيما يخص التجارب العلمية والأنشطة، تساءلت كيف يرصد المعلم الطالب وهو لا يراه، وهل من المعقول أن يطلب تصوير أداء المتعلم ومن ثم إرساله للمعلم؟ وكيف يستطيع المعلم ورئيس القسم متابعة كل هذه المهام وهو غير مدرب بالشكل المطلوب؟!، ومن الأفضل أن يكون دوام المعلمين ورؤساء الأقسام «أونلاين» من المنازل مع مراعاة الاحتياجات التي يجب توفيرها للمتعلمين ويجب أن يكون دوام الهيئة الإدارية في المدرسة لإنهاء الأمور الإدارية المطلوبة بساعات تناسب كل مدرسة واحتياجاتها، موضحة أن هذا البعد جدا مهم فيجب أن تستعد كل من المدرسة والبيت لهذه المرحلة «قل لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا» والاهتمام بالنظافة والتعقيم.
مشكلات كثيرة
في السياق ذاته، قالت ولية الأمر وفاء العمر إن عودة المدارس في هذا الوقت والذي مازالت تنتشر فيه جائحة كورونا فيه الكثير من الخطورة على المعلمين والمتعلمين، خاصة في ظل عدم وجود عقار للفيروس وفي الوقت نفسه نجد أن القرارات والإجراءات المتخذة أثناء تطبيق التعليم عن بُعد غير واضحة أو مدروسة، مشيرة الى أنها على سبيل المثال تعمل موظفة ولديها ابن في المرحلة المتوسطة واخر في الثانوية واثنين في المرحلة الابتدائية، وتكون مشغولة معهم في الصباح وهناك بعض المشكلات في شبكة الانترنت وفي المساء تتابع الدروس غير المتزامنة وكأننا نعمل في دوامة.
وتمنت العمر من وزارة التربية التركيز على المواد الأساسية فقط واستبعاد بقية المواد في الفترة الحالية، وتقليل الواجبات وفتح الكاميرات لتلاميذ المرحلة الابتدائية ليكون تفاعلهم والتزامهم بشكل أفضل وأكثر جدية.