تعبير عن حب الوطن قصير
تعبير عن حب الوطن قصير…الوطن هو الأب الحاني والأم الرؤوم التي تضمّ أبناءها بكلّ عطف كي يشتدّ عودهم، لهذا لا شيء يعدل الوطن، ولا يمكن لأي بلادٍ في العالم أن تحنو على أبنائها مثلما يفعل الوطن، فالوطن هو السند الحقيقي والحبيب الذي لا يخون، وهو ملخص الأشياء الجميلة في الحياة، والشجرة الوارفة الظلال التي تجعل أبناءها يتمتعون بالظلال والثمار دون أن تطلب منهم شيئًا، لهذا يمدّ الوطن جذور محبته في أعماق القلب والروح، ويفتح ذراعيه لأبنائه في كلّ حين ليعلّمهم في كلّ يوم أسمى معاني التضحية والإباء والتفاني، فالوطن رمز العطاء والحب الكبير، ولا يمكن وصفه إلا بأجمل الكلمات، ومهما قسا الوطن يظلّ أحنّ الأماكن وأقربها للقلب.
الوطن الذي نُحبّ نريده قويًا منيعًا في جميع الأوقات، ونرغب دائمًا في أن نظلّ بقربه فرحين بإنجازاته وعطائه، فلولا وجود الوطن لما كان للإنسان كيانٌ ينتمي إليه، فهو رمز الأمن والأمان، وكي يظلّ آمنًا مطمئنًا علينا أن ندافع عنه بالدم ونفديه بأرواجنا، وعلينا أن نعلي بنيانه وأن نرفع من قدره ليكون دومًا في المقدمة، فالوطن غابة مزروعةبالخير الذي يجتمع من كلّ مكان، ومهما كانت أصول من يسكنون فيه فهم جميعًا متوحدون على حبه ليظلّ دومًا واحة للأمن والأمان، لهذا نحن لا نعي قيمة الوطن بالمعنى الحقيق إلّا عندما نهاجر منه أو نسافر منه مضطرين لنجد أنفسنا نتنفس هواءً غريبًا على رئتينا وقلوبنا.
الوطن ليس مجرّد تراب وأشجار وماء، وليس مجرّد بقعة جغرافية صغيرة تحتضننا، هو العبق الجميل الذي نتنفسه والزهرة التي نزرعها في قلوبنا كي تنشر عطرها في أرجاء الروح، ولهذا فإنّ حبه يولد معنا بشكلٍ فطري، ويتغنّى فيه الشعراء والأدباء ويصفوه بأعظم القصائد التي تخرج من أعماق قلوبهم، وكأنّ الكلمات تتزين للوطن، ومهما قال فيه الناس من كلماتٍ عذبه تظلّ الحروف عاجزةً عن وصفه، ففيه تتجلّى معاني الإخلاص في أعمق صورها.
بماذا نكافئ الوطن!
حب الوطن يجب أن يكون دستورًا في القلوب، وأن يتم ترجمة هذا الحب بالفعل قبل القول، فالوطن بحاجة إلى سواعد أبنائه وتضافر جهودهم حتى يكون دومًا في المقدمة، ويمكن هذا بالعلم والعمل والتعليم، والحفاظ على ثرواته الطبيعية من النهب والسلب، وصيانة تاريخه وحضارته وعدم السماح بالمساس بأيّ إرثٍ حضاري يمسّ الوطن، لهذا فإنّ أفضل ما يمكن تقديمه للوطن هو أن يكون أبناؤه مخلصين ومؤدين لواجباتهم تجاهه، وحريصين كلّ الحرص على ألّا تمسه يد الأعداء وألّا يضره شيء طالما تصونه عيون أبنائه وتحميه رعاية الله تعالى في كلّ وقت.
الوطن الذي يُعطي لأبنائه كلّ شيء يريد منهم أن يكونوا يدًا واحدة لا يفرقهم عدوّ ولا يشمت بهم حاقد، وأن يحرصوا كل الحرص على أن تعلو راياته في جميع المحافل الدولية، وألّا يتم استصغار أي معروفٍ يمكن أن يكون فيه فائدة لأبناء الوطن، فكلّ شخصٍ فيه يُقدم خيرًا كبيرًا له بطريقته الخاصة، فالمعلم الذي يعلم التلاميذ ويخلص في عمله هو في الحقيقة يقدم خدمة كبيرة لوطنه، والطبيب الذي يحرص على أن يُداوي مرضاه وأن يخفف من آلامهم هو في الحقيقة فخرٌ للوطن، وكذلك المهندس والمحامي والجندي والصيدلاني وعامل النظافة، فكلّ واحدٍ من أبناء الوطن يقدم له معروفًا بطريقته حتى يرى وطنه حصنًا منيعًا لا يحتاج أحد.
الوطن أنشودة الحياة الجميلة، والسحابة التي تمطر أبناءه بالمطر الوفير كي ينبت فيهم الزهر، وأجمل ما في حبه أنّ حبٌ غير مشروط، لهذا فالجميع ينتمي لوطنه دون تخطيط ودون أن يعرف لماذا يسكن كلّ هذا الحب في قلبه، لكنه يعلم تمامًا أنه مستعدٌ ليفديه بكلّ ما يملك دون أن ترف له عين.
الوطن هو الأمن والأمان
اروع إحساسٍ يمكن أن يغمر الإنسان وهو في ربوع الوطن هو إحساسه بالأمن والأمان والطمأنينة، فالوطن هو أساس الاستقرار، وكلّما شعر الإنسان أنه يعيش في أمان وطنه كلما تغلغل في أعماقه حب الانتماء إليه والرغبة في البقاء به إلى الأبد، ولا عجب أن يتمنى الجميع أن يدفنوا في تراب أوطانهم حتى بعد موتهم، لأنهم يعرفون جيدًا أنّ كرامة الإنسان تكون أعظم ما يكون وفي عمق تجلياتها عندما يعيش في وطنه وبين أهله، فالوطن هو الأهل والأحبة والأصدقاء، وهو ذكريات الطفولة ومراتع الصبا والشباب، لهذا كلّ معاني الحب الحقيقية تتجلى في حب الوطن والدفاع عنه.
حتى يكون الإنسان فخورًا بوطنه فما عليه إلّا أن يتطلّع في عيون الصغار وهم يذهبون إلى المدرسة في الصباح الباكر آمنين مطمئنين ويحملون في حقيبتهم المدرسية أحلامهم وطموحاتهم التي سيحققونها في أوطانهم، وكذلك يسكن حب الوطن في عقول طلاب الجامعات الذي يحلمون بأن يكونوا متميزين ليرفعوا أسماء أوطانهم عاليًا، وكي يكونوا أيقونة في العلم والأخلاق الفاضلة التي زرعها فيهم الوطن، وهذا كلّه يتطلّب الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة الفتن والمحن والفساد الذي تحاول به النفوس الضعيفة أن تغتال أفراح الوطن وأحلام أبنائه.
طُوبى للوطن الحبيب الذي يتّسع لكلّ أبنائه رغم صغر مساحته، والذي يفرد ذراعيه لهم في كلّ وقت حتى وإن تركوه يومًا، فالوطن هو الوحيد الذي لا يتخلى عن أبنائه ولا يُدير ظهرهم له لأنّ دمائهم تروي أرضه، وأنفاسهم تختلط بهوائه، وهذا كلّه يعني أن يحرص الإنسان على أن يكون الوطن في أعلى درجات اهتماماته، وألّا يسمح لأي شيء يُعكّر صفوه، فالوطن الذي يُعطيه أبناؤه عينًا واحدة يمنحهم هو سيلًا من عيونٍ مبصرة تأخذهم إلى آفاقٍ عالية مشحونة بالطاقة الإيجابية لتكون همتهم دومًا بين النجوم، ومتوغلة في عمق النجاح والإبداع والتميز، فهنيئًا لمن كان بارًّا بوطنه ومخلصًا له لأنه سيحيا مرتاح الضمير هانئ البال.