كيف تحسّن تفكيرك النقدي ؟
كيف تحسّن تفكيرك النقدي .. التفكير النقدي هو فن استخدام العقل لتحليل الأفكار والولوج عميقاً للوصول إلى إمكاناتنا الحقيقية، ولا يتمثل التفكير النقدي في كثرة التفكير أو التفكير بصعوبة أكبر، وإنما هو التفكير بطريقة أفضل.. صقل مهارات التفكير النقدي لديك، من شأنه أن يفتح لك عالماً من الفضول الفكري، لكن اعلم أن الرحلة لن تكون وردية على طول الطريق؛ حيث يتطلب التفكير النقدي الكثيرَ من الانضباط، تحتاج من أجل البقاء على المسار الصحيح، مزيجاً من النضج المتواصل، وتوفُّر الدافع والقدرة على تأمل نفسك بصدق؛ حتى في مواجهة الحقائق غير المريحة.
يقول الناقد الأدبي الدكتور مصطفى سليم: إنَّ القدرة على التفكير النقديِّ، مهارة أساسيَّة، وهو يعني أنَّك تحتاج إلى التعمق فيما يقوله الأشخاص جميعهم، والتحقق من الكلام أو الأفكار لمعرفة ما إذا كانت حقيقية أم لا.. لكنَّ التفكيرَ النقديَّ لا يقتصر على اكتشاف الكلام المزيّف فحسب؛ بل أنت أيضاً بحاجة إليه لاتخاذ قرارات دقيقة.
– صقل مهارات التشكك
• تشكّك في افتراضاتك أنها هي الأساس للإطار الذي يعمل به عقلنا النقدي، لكن ماذا لو تبين لنا أن هذه الافتراضات خاطئة، أو على الأقل ليست صادقة تماماً؟ عندها سوف يحتاج الأساس بأكمله إلى إعادة بناء من القاع.
• لا تأخذ معلومات من مصادر السلطة من دون أن تتحقق من صحتها بنفسك، تعوّد على استخدام غريزتك للتحقق من المعلومات المشكوك في صحتها، إذا كان حدسك غيرَ راضٍ عن تفسيرٍ ما، اطلب من الشخص أن يستفيض أكثر في الشرح، إذا كنت لا تشك في إحدى الحقائق، اقرأ عن ذلك أو اختبره بنفسك.. في وقت قصير سوف يتطور لديك قدرة جيدة على تحديد ما يستحق إجراء المزيد من البحث، وما يمكن أن يكون صحيحاً بناءً على حكمك الشخصي.
• تشكّك في الأشياء، طرح الأسئلة هو جوهر التفكير النقدي، إذا كنت لا تجد أسئلة لتطرحها، أو كنت في الأساس لا تبادر بطرح الأسئلة؛ فإنك أيضاً لن تحصل على الإجابة، إيجاد الإجابة؛ بل وإيجادها بصورة أنيقة، هو ما يمثل التفكير النقدي.
– ضبط منظورك
• اعرف انحيازاتك الشخصية.. ينبغي أن تعرف ما هي انحيازاتك الشخصية، وكيف يمكن لها أن تؤثر في تناولك للمعلومات المثبتة.
• فكر لعدة خطوات إلى الأمام.. لا تفكر فقط في خطوة أو اثنتين تنوي اتخاذهما؛ بل فكّر في العديد من الخطوات بصورة مسبقة، تخيل نفسك تلعب الشطرنج أمام شخص متمرس في اللعبة؛ بحيث يقدر على التفكير في عشرات الخطوات بصورة متقدمة، والذي لديه المئات من الخطط البديلة، وبالتالي يجب عليك مضاهاته في هذا المستوى من الذكاء والحِنكة.. حاول أن تتخيل جميع المصائر المحتملة، التي يمكن أن تنتهي إليها مشكلتك.
• اقرأ روائع الكتب.. لا شيء يضاهي التغيّر الناتج عن قراءة الكتب؛ فالكتب الرائعة يمكنها تقديم الحجج المختلفة (كما في الأدب)، أو القيام بدور تثقيفي (مثل الكتب الفكرية) أو المساعدة في إطلاق المشاعر (وهو ما يحدث عند قراءة الشعر).. قراءة الكتب بشكل عام، ليست مقتصرة على الأشخاص المولعين بالقراءة وحسب، وإنما هي للجميع.
• ضع نفسك موضع الآخرين.. قدرتك على رؤية الأمور بعيون الآخرين، قد تساهم في تنمية مهارات التفكير النقدي لديك، سواء من خلال تطوير سُبل التفاوض لديك، أو فهم الأعمال الأدبية بصورة أعمق.
• خصص 30 دقيقة من يومك لتحسين نشاط المخ.. احصل على نصف ساعة من يومك المزدحم؛ لتمرين عقلك كي يصبح أكثر نشاطاً وقوة.
– التوفيق بين جميع الأشياء
• ادرس جميع الخيارات المتاحة أمامك.. عندما ترغب في استخدام مهارات التفكير النقدي لديك من أجل التصرف في أمر ما، وهو ما يعَد شيئاً حتمياً؛ لأن افتراض معرفة كل شيء، لن يُجدي دائماً، عندها يكون من المفيد أن تنظر في جميع الخيارات المتاحة أمامك، ضع جميع الخيارات أمامك، ثم قُم بالموازنة بينها.
• أحط نفسك بالأشخاص الأذكى منك.. إذا أردت حقاً التعلّم والتحسّن في أمرٍ ما، وتنمية مهارات التفكير النقدي لديك، كن دائماً بصحبة الأشخاص الأذكى منك، لابد أن تعلم أن هؤلاء الأذكياء شخصياً، يبحثون عمن هم أذكى منهم للتقرب منهم، واعلم أيضاً أنك بقربك من هؤلاء، سوف يتسرب إليك جزء من ذكائهم ذلك؛ ليؤثر على منظورك الشخصي.
• افشل إلى أن تحقق النجاح.. لا تخشَ من الفشل؛ فالفشل هو مجرد طريقة لاكتشاف ما الذي لا يفلح معك، استغل الفشل لصالحك عن طريق التعلّم من أخطائك.
* لتحسين التفكير النقدي
* وسائل التفكير النقدي
– بإنشاء سياقات تمكِّن من اتخاذ قرارات ذكية:
تتمثل هذه الإستراتيجية في تحديد ما تقوم به في الواقع، عندما تفكر في الأشياء وتستخدم هذه المعرفة لمحاولة تجنب ارتكاب الأخطاء الشائعة، وبالنظر إلى ما نعرفه عن الطريقة التي يعمل بها العقل؛ فيوجد بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها: فحص القرار الذي تتخذه عدة مرات، وفي عدة أماكن وحالات مزاجيَّة مختلفة: نظراً لأنَّ العقل يميل إلى التبرير أكثر من إصدار الحكم الصحيح؛ فإنَّ إحدى الطرائق لتجنب ارتكاب الأخطاء، هي التفكير في نفس المشكلة التي تواجهها في عدد من السياقات المختلفة.
– التمتع بالذكاء عبر معرفة المزيد:
الإستراتيجية الثانية لتحسين التفكير النقدي، والتي تنجح فعلاً، هي بسهولة معرفة مزيد عن العالَم؛ فكُلَّما زادت معرفتك بالأشياء، فكَّرت فيها تفكيراً أفضل.. فعلى سبيل المثال، عندما أخبرني أحدهم بأنَّه كان قلقاً من أنَّ إشارات الواي فاي (Wifi) المنبعثة من هاتفه قد تسبب السرطان؛ فشرحت له أنَّ هذا الكلام ليس منطقياً؛ إذ إنَّ إشارات الواي فاي هي عبارة عن إشعاعات ذات موجات دقيقة وطاقتها منخفضة جداً، والسرطان يمكن أن يحدث عندما يُتلَف الحمض النووي، ولكي يحدث ذلك يجب أن يكون الإشعاع نشطاً بدرجة كافية لكسر الروابط الجزئية.. إنَّ الأشعة فوق البنفسجية قويَّة بما يكفي للقيام بذلك- وهذا هو السبب في ضرورة وضع واقي الشمس خارج المنزل- لكنَّ الضوء المرئي ليس كذلك- وهذا هو السبب في عدم الحاجة إلى وضع واقي الشمس داخل المنزل- وتردد الإشعاعات ذات الموجات الدقيقة، أقل من ذلك بكثير؛ لذلك لا يمكن أن تسبب السرطان، لم تكمن المشكلة في أنَّ هذا الشخص لم يملك مهارات التفكير النقدي الجيدة، ومن المعقول افتراض أنَّ التكنولوجيا الجديدة قد تكون لها عواقب غير مدروسة- ومن ذلك أنَّها قد تسبب السرطان- بل كانت المشكلة تكمن في أنَّ هذا الشخص لم يكن لديه معلومات كافية عن الكهرومغناطيسية ليرى، لماذا كان ادعاؤه غيرَ منطقي؛ فإذا كان لديه معلومات كافية عن هذا الأمر، كان يجب أن يكون أكثر قلقاً بشأن المصابيح التي تصدر ضوءاً مرئياً عالي التردد وبطاقة أعلى كل يوم؛ مقارنة بالشعاع الخافت ذي الموجات الدقيقة التي يصدرها الهاتف.