منوعات

لماذا تقص المرأة شعرها بعد الانفصال ؟!!

لماذا تقص المرأة شعرها بعد الانفصال ؟!!

إن لم تكن تقيم على المريخ، أو في شهر العسل واتفقت وزوجك على رمي الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي خارج حياتكما هذه الفترة، فمن المؤكد أنّك عرفت أن شيرين عبد الوهاب حلقت شعرها بالكامل بعد انفصالها عن زوجها حسام حبيب، ولو قرأت أيًّا من التعليقات على المنشورات التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي، لوجدتها تنقسم بين مستنكرٍ مستحقر، ولائمة تقول لا رجل يستحق أن تفعلي هذا لأجله، وذاك الذي لا يدري لماذا يرى الناشر في “امرأة تقص شعرها بعد الانفصال” خبرًا يستحق النشر، وقلة قليلة، إن لم تكن نادرة، تلك التي تفهّمت أن تستمد امرأةٌ القوة من حلق شعرها.

لأنّي أدرك أنّي لو حاولت أن أشرح ما نشعر به نحن النساء عندما نحلق أو نقص شعرنا، لكم أنتم الذين تحلقونه وتقصونه كل شهر كروتينٍٍ مستمر، لن أبلغ مقصدي، فدعني أستعرض لك تفسير علم النفس لهذه الظاهرة المستغربة من قبلك، لماذا تقص النساء شعرهن بعد الأزمات والأحداث المفصلية في حياتهن؟

علاقة النساء بشعورهن أعمق من المظهر

دعنا نتفق أولًا أن النساء أكثر تعلقًا بشعرهن من الرجال، لا يحتاج الأمر دراسةً علميّة لنثبت هذا، يكفي أن تعلم أن دراسة أجرتها TYME بالاشتراك مع YouGov، بينت أن 20% من 680 امرأة شملهن الاستطلاع بكين بسبب قصة شعر لم تعجبهن، وأن واحدة من كل 6 نساء منهن تشعر بالحرج من الخروج في الأماكن العامة إذا كان هناك شيء خاطئ في شعرها.

تجلت هذه العَلاقة الشخصية العميقة بين النساء وشعرهن عبر التاريخ؛ فتقول الرواية إن “ابنة أخناتون حلقت رأسها وجابت البراري والصحاري في مصر، مع والدها، بعد اصطدامه بكهنة المعبد وفقدانه بصره، فكانت تقوده وقد حلقت شعر رأسها حزنًا واحتجاجًا على ما حدث لأبيها”.

وبعد معركة فرنسا عام 1940، حُلقت رؤوس النساء الفرنسيات كوصمة عار وعقوبة لهن على علاقاتهن الجنسية مع الجنود الألمان.

وفي حادثة جرت العام الماضي، قصت شقيقة عمر سعدون الخفاجي، ضفيرتها أمام الملأ في مدينة الناصرية، بمحافظة ذي قار.

وجاء قصّها للضفيرة تعبيرًا على احتجاجها ومطالبتها بالثأر لأخيها.

وفي مصر قصت ثماني ناشطات مصريات خصلًا من شعرهن أمام عدسات الصحافة تعبيرًا عن رفضهن للدستور الجديد أيام رئاسة الرئيس السابق مرسي. فكيف بات قص الشعر وسيلة تعبير عند النساء؟

يقول الدكتور نصير جابر، الباحث في الموروث الشعبي، “قص المرأة لشعرها أمام الملأ من أكثر الأفعال الرمزيّة التي يمكن أن تمارسها لتقول بتلميحٍ بليغ أنها تتخلى عن تاجها وتخلعه آسفة لأنها لا تجد من يحميه ويصونه”.

قد لا يضم الشعر خلايا حسيّة، لكنّ بصيلاته مضروبة في أعماق مشاعر النساء، فهو وسيلة تعبير، وجزءٌ من كيان.

قص شعر النساء بعد الأزمات سبيلهن للتعافي

العلاقات السامة تفرض علينا قيودًا تخنقنا، وتسلب ذواتنا منا شيئًا فشيئًا، وهو شيء وضّحه غالب أولئك الذين هربوا من علاقة سامة بقولهم: “استيقظت يومًا ولم أعرف الشخص الذي رأيته في المرآة”. الشعور بفقدان الذات يستدعي إجراء تغييرٍ جذري، ما يجعل قص الشعر بشكلٍ متطرف محاولة لاستعادة ذاتٍ مفقودة أو ما تبقى منها.

كذلك عندما تشعر بالضعف الناجم عن تغيير جذري في حياتك، لم يكن مخططًا له، من الطبيعي أن تحاول استعادة السيطرة على حياتك، وسترغب بكل جوارحك أن تفتح صفحةً جديدة، فما الذي قد يشعرك أنّك نسخة جديدة أكثر من مظهرٍ جديد؟

في هذا الخصوص وضحت عالمة النفس، سيما هينجوراني (Dr Seema Hingorani)، لصحيفة The Times of India: “العديد من النساء يشعرن أن شعرهن أو مظهرهن قد يكون الشيء الوحيد الخاضع لسيطرتهن تمامًا. لذلك، عندما يقررون قص خصلات شعرهن، فإن الأمر في الغالب هو تبني شعر جديد، هُوِيَّة جديدة. عندما تشعر الفتاة بالحاجة الماسة للمضي قدمًا، تشعر بالحاجة إلى الظهور بمظهرٍ مختلف وجديد”.

كذلك قال عالما النفس جوزيف ماركيز وعلي غوي عن قص الشعر بعد الأزمات: “إنه جهد شافي لاستعادة السيطرة والقوة على حياة المرء. إن الحصول على “تسريحة” جديدة، هو طريقة غير مؤلمة للتعامل مع الحزن والصدمة الناتجة عن الانفصال. غالبًا ما يستهدف الناس الشعر، لأن التغييرات سهلة وقابلة للعكس وغير مؤلمة”.

وفقًا لريبيكا نيومان، المعالجة النفسية في فيلادلفيا، “عندما نمر بفترة انتقالية مؤلمة في حياتنا الشخصية، فإننا نميل إلى اتخاذ قرارات توفر راحة فورية، يمكن أن ينبع هذا من الشعور بالرغبة في تخليص أنفسنا من المشاعر الشديدة أو الصعبة، ما يجعلنا نتخذ قراراتٍ متهورة مثل الشراء اللاعقلاني أو الحصول على قصة شعر متطرفة. بهذه الطريقة، فإن إجراء تغيير في مظهرنا الجسدي يمكن أن يكون أقرب إلى التخلص من طبقة من الجلد، نفترض أننا سنشعر على الفور بتحسن بعد التخلص منها. ومع ذلك، فإن التخلص منها في النهاية لا يقضي على محنتنا لأن هذه الأعمال الخارجية لا تهدئ آلامنا الداخلية”.

أما عالم النفس الدكتور جراهام هول، فاعتبر قص الشعر بعد الانفصال هو “انعكاس للرغبة في الانفصال عن الماضي”.

برأيي الشخصي، وأنا لست بعالمة نفس ولا خبيرة، قص الشعر بعد الأزمات النفسية هو طقس من طقوس التحرر، وكأنّك تضع كل مشاعرك، ذكرياتك آلامك وتعلّقك في أطراف شعرك، ثم تفصلها عنك وتتحرر منها.

شيرين ليست الأولى

سبقت شيرين بريتني سبيرز عام 2007 وحلقت شعرها بالكامل، لتوضح لاحقًا أنها كانت تعاني وأن هذه الحركة المتمردة الخارجة عن المألوف منحتها شعورًا بالحرية فقالت لقناة MTV في عام 2008: “كنت أعاني كثيرًا، وكان الأمر أشبه بقليل من التمرد، أو الشعور بالتحرر، أو رغبةٍ في التخلص من الأشياء التي حدثت”.

كذلك سيناد أوكونور حلقت شعرها في أواخر الثمانينيات، ثم وضحت السبب في مقابلة مع أوبرا عام 2014 قائلة: “دخلت مجال صناعة التسجيلات في وقتٍ أراد فيه المدراء التنفيذيون مني إطالة شعري وارتداء التنانير القصيرة لأنهم اعتقدوا أنني سأبدو أجمل بكثير. لذلك ذهبت مباشرة إلى الحلاق وحلقت ما تبقى من شعري”.

لتنضم إليهن إيفان ريتشل وود، التي قصت شعرها بالكامل بعد انفصالها عن زوجها الممثل جايمي بيل، وغيرهن الكثيرات بين من قصت شعرها أو غيرت لونه.

هل هناك رجال قصوا شعرهم بعد الانفصال؟

قال عالم النفس السريري ماركيز إنه في حين أن هناك رجال غيروا تسريحات الشعر بعد الانفصال، يبدو أن هذه الممارسة أكثر شيوعًا بين النساء لأن الشعر غالبًا ما يرتبط بالأنوثة.

لكن هذا لا يمنع أن هناك بعض الرجال المشاهير الذين حلقوا شعرهم بعد الانفصال مثل روبرت باتينسون، فقد غير نجم سلسلة أفلام تويلايت مظهره بعد إنهاء علاقة طويلة الأمد بانفصاله عن المغنية فكا تويغز (FKA Twigs)، فحلق شعره بالكامل، ما صدم جمهوره ومعجبيه.

كذلك غيّر جاستين بيبر، جو جوناس والكثير من الفنانين الرجال تسريحات شعرهم مباشرةً عقب خروجهم من علاقات عاطفية. غير أنّ الرجال أكثر ميلًا لإهمال مظهرهم بعد الانفصال، وهو الأمر الذي تسبب في إطلاق مصطلح “The break up beard” ومعناه لحية الانفصال، إذ يهمل الرجل عادةًً مظهره فتطول لحيته بشكلٍ أشعث غير مرتب.

هل من الصحي قص الشعر بعد الأزمات؟

لا أعتقد أنّنا بحاجة إلى إجابة أخصائيٍ على هذا السؤال، بعض الناس يحصلون على قصات شعر، والبعض الآخر يحصل على “جسد الانتقام” وهو مصطلح يعني أن الشخص يحسّن من مظهره ليدفع الشخص الذي انفصل عنه للتحسّر، وهناك من يتألم بصمت بينما يتعافى. المهم ألا يؤذي المرء نفسه أو أي شخصٍ آخر بينما تلتئم جراحه.

الجزء الصعب من الانفصال أو الأزمات عمومًا يكون في الشهور الأولى، لذلك لا تتخذ قراراتٍ يطول تأثيرها وتدوم توابعها في هذه الفترة؛ إن قصصت شعرك سيطول، لكن الزواج من أول عابر سبيل قد يكون سببًا للندم لفترةٍ طويلة.

حتى يومنا هذا لا يزال يُنظر إلى قص المرأة شعرها على أنه عمل جذري يدل على الاضطراب العاطفي. الغريب في قصة شيرين عبد الوهاب والأمر الذي استوقفني لأكتب عنه، هو اعتقاد الجميع أنّ له الحق بإبداء رأيه في الأمر، حتى أثار الأمر زوبعةً وجدلًا أجد صعوبةً في فهمهما. بينما تمر التصرفات التي يرتكبها الرجال من تدميرٍ الذات بإدمان الخمور أو التردد إلى الملاهي أو مرافقة الفتيات الصغيرات في السن، كما فعل الكثير من المشاهير الرجال، على أنّه مرحلة طبيعية ريثما يزول الألم!

 

يسعدنا أنضمامكم لنا 🤩👇

https://t.me/school_ksa

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock