لماذا سمي باب المندب بهذا الاسم وما أهمية ذلك الممر؟
لماذا سمي باب المندب بهذا الاسم وما أهمية ذلك الممر؟…مضيق باب المندب، واحد من الممرات المائية الهامة لخطوط الملاحة والتجارة العالمية، والذي تمر منه الكثير من السفن والعبارات بمختلف أنواعها سنوياً، وله أهمية اقتصادية واستراتيجية ولوجستية كبيرة للكثير من دول العالم
لماذا سمي باب المندب بهذا الاسم
يتداول أن باب المندب تم ذكره في المساند الحميرية، وأن اسمه يعني “جاز وعبر” وذلك بناءً على أحد الآراء. بينما تشير رواية أخرى إلى أن الاسم مشتق من “ندب الموتى”، ويعود ذلك إلى عبور الأحباش إلى اليمن.
كما أن العرب كانوا يستخدمون باب المندب لنقل السبايا من إفريقيا إلى الجزيرة العربية، وكانت أمهات السبايا يندبن وتبكين على فقدان أولادهن في هذا المضيق. هناك أيضًا أسطورة تقول إن الاسم مرتبط بعدد الذين غرقوا في البحر بسبب هزة أرضية فصلت بين قارتي آسيا وأفريقيا.
أين يوجد مضيق باب المندب
يقع مضيق باب المندب بين إحداثيات (12o28’40” شمالًا، 43o19’19” شرقًا) و (12o40’20” شمالًا، 43o27’30” شرقًا)، وتبلغ المسافة بين ضفتيه حوالي 30 كم (20 ميل) من رأس منهالي على الساحل الآسيوي إلى رأس سيان على الساحل الإفريقي.
تفصل جزيرة بريم (مَيّون) التابعة لليمن المضيق إلى قناتين، حيث تعرف القناة الشرقية باسم باب إسكندر وعرضها 3 كم وعمقها 30 م، والقناة الغربية تعرف باسم “دقة المايون” وعرضها 25 كم وعمقها يصل إلى 310 م.
بالقرب من الساحل الأفريقي، توجد مجموعة من الجزر الصغيرة يطلق عليها الأشقاء السبعة. تجري تيارات مائية في المضيق، حيث يجري تيار سطحي للداخل في القناة الشرقية، وتوجد تيارات عميقة قوية تجري للخارج في القناة الغربية. مياه الممر دافئة بدرجة حرارة تتراوح بين 24-32.5 درجة مئوية،
وتفقد البحر الأحمر كميات كبيرة من المياه بسبب التبخر الشديد الذي يصل إلى 2200-3000 مم سنويًا، وتعوض هذه الخسائر بمياه تدخلها من خليج عدن خاصة في الشتاء، وفي الصيف يخرج الماء السطحي من البحر الأحمر.
تقدر حصيلة التبادل المائي في باب المندب بنحو ألف كم3 لصالح البحر الأحمر، وتصل ملوحة مياه الممر إلى 38 بالألف، وتبلغ حركة المد فيه نحو المتر.
نشأ المضيق باب المندب نتيجة تباعد أفريقيا عن آسيا بالحركة البنائية للصدع السوري الإفريقي، الذي تكوّن البحر الأحمر في نهاية الحقبة الجيولوجية الثالثة في عصري الميوسين والبليوسين.
ما أهمية باب المندب الاقتصادية؟
قبل افتتاح قناة السويس في عام 1869، كانت أهمية مضيق باب المندب محدودة، لكن بعدها تحول إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر في العالم، حيث يربط البحر الأحمر وما يليه بالبحر المتوسط وعالمه.
يقع الممر بين جزيرة بريم التابعة لليمن والبر الإفريقي، وعرضه 16 كم وعمقه يتراوح بين 100-200 متر، مما يتيح للسفن وناقلات النفط عبور الممر بسهولة على محورين متعاكسين متباعدين.
تزداد أهمية المضيق باب المندب بوصفه واحداً من أهم الممرات البحرية في العالم، خاصةً مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي. يتم عبور الممر سنوياً بأكثر من 21,000 قطعة بحرية في الاتجاهين، وهو رابع أكبر الممرات من حيث عدد براميل النفط التي تمر فيه يومياً.
تمتلك اليمن أفضلية إستراتيجية في السيطرة على الممر لامتلاكها جزيرة بريم، ولكن القوى الكبرى وحليفاتها عملت على إقامة قواعد عسكرية قربه وحوله، وتسعى الأمم المتحدة لتنظيم موضوع الممرات المائية الدولية، ودخلت اتفاقية جامايكا حيز التنفيذ في عام 1994.
يبقى ضمان بقاء قناة السويس وممر هرمز مفتوحين للملاحة، أمام ناقلات النفط خاصة، هو الأمر الأهم للحفاظ على أهمية مضيق باب المندب. ويمثل الممر أيضاً أهمية بالغة لمصر، حيث إن نحو 98٪ من البضائع والسفن الداخلة التي تمر عبر قناة السويس تمر من خلال المضيق.
محاولة اليمن وجيبوتي للاستفادة من المضيق
تم الكشف في 22 فبراير 2008 عن مخطط لبناء جسر بحري يربط بين اليمن وجيبوتي عبر المضيق. إذا تم إتمامه، فسيكون هذا الجسر أطول جسر معلق في العالم. يتضمن المشروع بناء مدينة تربط بين الدولتين عبر الجسر المعلق، وتسمى هذه المدينة “مدينة النور” (AL-Noor City).
جرى سابقاً العمل على المرحلة الأولى من المشروع في جيبوتي، وفقاً لتصريحات المهندس بن لادن، وذلك بسبب سهولة التعامل والدعم من حكومة جيبوتي بالمقارنة مع الحكومة اليمنية التي واجهت بعض الصعوبات والمعارضة من بعض الشيوخ اليمنيين.
ولكن قد توقف العمل بالمشروع بسبب الأزمات التي تعرضت لها دولة اليمن، ولم يتم إعادة الحديث عن المشروع بين البلدين حتى الآن.
القضايا الأمنية المرتبطة بباب المندب
يتمتع المضيق بأهمية استراتيجية كونه يربط بين بحر القلزم أو البحر الأحمر والمحيط الهندي من خلال قناة السويس. في عام 2006، مرت عبر المضيق سفن محملة بـ 3.3 مليون برميل من النفط، وتمثل هذه الكمية حوالي 7.5% من إجمالي حمولات النفط (عن طريق السفن) في العالم خلال تلك السنة.
يعتبر هذا الرقم صغيراً بالمقارنة مع مضيق هرمز الذي يمر عبره 40% من حمولات النفط العالمية (عن طريق السفن)، ولكن بسبب المنافسة على النفوذ في هرمز، تسعى الدول المجاورة لباب المندب لتوسيع نفوذها فيه كبديل.
يتعاون إسرائيل مع جيبوتي وأثيوبيا واليمن لتعزيز نفوذها في المندب، وتقلص نفوذ اليمن بسبب التدخل الأمريكي. تذكر أن اليمن أغلق المضيق أمام إسرائيل خلال حرب 1973، ولكنها قد لا تكون قادرة على إغلاقه مرة أخرى بسبب الأسباب العسكرية.
باب المندب ملك من؟
تتضمن صراعات إقليمية أكبر بين إيران وحلفائها من جهة، والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وحلفائهم من جهة أخرى، التنافس على السيطرة على مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
وقد سعت قوات الحوثي وحلفاؤها منذ بداية الحرب الأهلية في اليمن إلى السيطرة على الموانئ اليمنية الاستراتيجية والمناطق الساحلية، بما في ذلك مضيق باب المندب.
في يوليو/تموز 2018، أعلن وزير النفط السعودي خالد الفالح تعليقًا فوريًا ومؤقتًا لجميع صادرات النفط عبر المضيق باب المندب، بعد هجوم الحوثيين على سفينتين محملتين بالنفط الخام، حيث استهدفوا ناقلة نفط سعودية في البحر الأحمر.
وفي الوقت نفسه، أعلنت محطة تلفزيون المسيرة التابعة للحوثيين أن مقاتلي حركة أنصار الله الحوثية استهدفوا بارجة حربية سعودية قبالة السواحل الغربية لليمن تحمل اسم “الدمام”.
بعد ذلك، أعلن وزير النفط السعودي أن بلاده قررت استئناف نقل شحنات النفط عبر مضيق باب المندب اعتبارًا من الأول من أغسطس 2018. ويعد الحفاظ على سلامة ممرات الملاحة، بما في ذلك مضيق باب المندب وممر هرمز، من أهم الأولويات للحفاظ على الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.
الطبيعة المناخية والجغرافية لمضييق باب المندب
تتميز المنطقة الساحلية المحيطة بمضيق باب المندب بطبيعتها الجغرافية المسطحة المغطاة بالرمال والحصى، وتحتوي على بعض النتوءات الصخرية والشعاب المرجانية.
وتشهد المنطقة هجرات واسعة للطيور، مثل الصقور والنسور، خلال فصل الخريف. كما تنمو الأعشاب والشجيرات على الشواطئ، وتوجد أنواع من النباتات الملحية التي تعيش في الوسط الملحي.
يتميز المناخ في المناطق المحيطة بمضيق باب المندب بالحرارة والجفاف، حيث يتلقى المنطقة أقل من 100 ملم من الأمطار سنويًا، ويمكن أن تصل درجات الحرارة فيها إلى 33 درجة مئوية في أوقات معينة، بينما يتراوح متوسط درجات الحرارة فيها حوالي 27 درجة مئوية.