فضائل يوم عرفة
فضائل يوم عرفة .. يوم عرفة أحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه الكريم، وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (ما مِن يومٍ أكثَرَ مِن أن يُعْتِقَ اللهُ فيه عبداً مِنَ النَّارِ، من يومِ عَرَفةَ، وإنَّه لَيَدْنو، ثم يُباهِي بهم الملائكةَ، فيقول: ما أرادَ هؤلاءِ؟).
سيدتي التقت الشيخ هاشم الفقي مدير عام الدعوة بالاوقاف المصرية في حديث حول فضائل هذا اليوم المجيد.. يوم عرفة.
يقول الشيخ هاشم الفقي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فإن الله قد فرض على عباده فرائض عديدة، واختصهم بمزايا سامية، وأعطاهم فأجزل في عطاياه فضائل عظيمة مباركة وأنعم عليهم برضاه ورحمته وغفرانه في مواسم وأيام شريفة مباركة، يباهي بهم فيها ملائكته، ويستجيب لهم فيها دعاءهم ويعطي كل سائل مسألته وكل طالب مطلبه، ومن هذه المواسم والأيام والنفحات المباركة يوم عرفة.
-
بعض فضائل يوم عرفة:
يقول الشيخ هاشم: إن ليوم عرفة مزايا عديدة، وفضائل كثيرة، فهو يوم عظَّمه الله، ورفع قدره، وجعل الوقوف بين يدي الله في ذلك اليوم ركناً من أركان الحج؛ بل هو أهمها، فقد قال – صلى الله عليه وسلم -: (الحج عرفة) ومن فضائل هذا اليوم العظيم:
1. يوم عرفة أقسم الله به:
من المعلوم أن العظيم لا يقسم إلا بعظيم، وعلى أمر عظيم، فالله تعالى يقول في كتابه الحكيم: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}سورة الفجر قال ابن عباس – رضي الله عنه -: “الوتر يوم عرفة، والشفع يوم الذبح”، وهو قول عكرمة والضحاك، وهو اليوم المشهود الذي قال الله فيه: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ }سورة البروج، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة، وما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل منه؛ فيه ساعة لا يوافقهاعبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجاب الله له، ولا يستعيذ من شر إلا أعاذه الله منه).
2. يوم عرفة أحد الأيام العشرة التي يعظم أجرها
فهي من أفضل أيام السنة المفضلة في أعمالها يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عملٍ أزكى عند اللهِ ولا أعظمَ أجراً من خيرٍ يعملُه في عَشرِ الأَضحى. قيل: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ قال: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ، إلا رجلٌ خرج بنفسِه وماله فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ) رواه الدارمي وحسن إسناده الشيخ محمد الألباني في كتابه إرواء الغليل، وكان سعيدُ بنُ جُبَيرٍ إذا دخل أيامُ العشرِ اجتهد اجتهاداً شديداً، حتى ما يكادُ يقدرُ عليه.
3. يوم عرفة عيد لأهل السماء والأرض:
فعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أن رجلاً من اليهود قال له: “يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيداً. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} سورة المائدة. قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو قائم بعرفة يوم جمعة” قال ابن حجر – رحمه الله -: “التنصيص على أن تسمية يوم عرفة يوم عيد”، وقد نقل الكرماني عن الزمخشري أن العيد هو السرور العائد، وأقر ذلك فالمعنى: “أن كل يوم شرع تعظيمه يسمى عيداً”، وقال ابن رجب – رحمه الله – في لطائف المعارف ما معناه: “أن العيد موسم الفرح والسرور، وأفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا إنما هو بمولاهم إذا فاز وبإكمال طاعته، وحازوا ثواب أعمالهم بوثوقهم لهم عليها مغفرته: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}سورة يونس(58) ، فالغافل يفرح بلهوه وهواه، والعاقل يفرح بمولاه”.
4. يوم عرفة أخذ الله فيه الميثاق:
فعن ابن عباس عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان – يعني يوم عرفة -، وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قُبلاً قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} إلى قوله: {بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}
5. يوم عرفة يباهي الله بأهل عرفات ملائكته:
فيعمهم بالرحمة والغفران؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ اللهَ يُباهي بأهلِ عرفاتٍ ملائكةَ السماءِ، فيقولُ: انظُروا إلى عبادي هؤلاءِ، جاءوني شُعْثاً غُبْراً) ، قال المناوي – رحمه الله – في المطامح: “وذا يقتضي الغفران وعموم التكفير؛ لأنه لا يباهي بالحاج إلا وقد تطهر من كل ذنب، إذ لا تباهي الملائكة وهم مطهرون إلا بمطهر”.
6. يوم عرفة الدعاء فيه مستجاب:
فعن طلحة بن عبيد الله بن كريز أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء يوم عرفة واغتنامه والحرص علي ترديد دعاء يوم عرفة، فعن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما قال: كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ: “لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”
بالنهاية يدعو لنا الشيخ هاشم الفقي:
اللهم في يوم عرفة اجعلنا ممن عفوت عنهم ورضيت عنهم وغفرت لهم وحرمتهم على النار وكتبت لهم الجنة، اللهم اكتبنا من عتقائك من النار، اللهم اكتبنا عندك ممن لا ترد دعواتهم في يوم عرفة.. إنك على ما تشاء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم