من هم الفايكنج وما أصلهم ومن أين أتوا؟
من هم الفايكنج وما أصلهم ومن أين أتوا؟ أحد أكثر التساؤلات بحثًا عبر محركات بحث جوجل ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تم ذكر كلمة الفايكينج في العديد من الأعمال الفنية وخاصة الأعمال السينمائية العالمية، لذا سنعرض لكم من خلال هذا المقال كافة التفاصيل عن تاريخ الفايكنج، وما هو أصل الفايكنج ومن أين أتوا، كما سنوضح من هم شعوب الفايكينج الآن في وقتنا الحالي.
من هم الفايكنج
إنّ الفايكنيجْ هم مجموعة من البشر كانوا يعملوا كملاحي السفن ومحاربين في المناطق الاسكندافية، وكان يُطلق عليهم مُسمى “شعوب جرمانية نوردية”، كما قاموا الفايكنيجْ بمهاجمة السواحل البريطانية والفرنسية ومجموعة كبيرة من البلاد الأوربية، وكان ذلك بداية من أواخر القرن الثامن الميلادي، إلى القرن الحادي عشر، لذا سُميت الحقبة التي عاشوا فيها بحقبة الفايكنيجْ.
لماذا أطلق عليهم الفايكنج
يعتقد بعض المؤرخين أنه تم تسمية ذلك الشعب بكلمة “فايكنيجْ” اقتباسًا من كلمة “فيك”، والتي تُشير إلى مصطلح الخليج الصغير في لغة المناطق الشمالية، ورَجّح علماء آخرين أنه ربما أن كلمة فايكنيجْ جاءت من منطقة النرويج التي كانت تُسمى “فيكين” حيث عاش الفايكنج، وأشار بعض المؤرخين إلى أن هذه المجموعة من البشر الذين اشتهروا بالقرصنة لم يقوموا بإطلاق مصطلح “الفايكنيجْ” على أنفسهم، بل تم اكتشاف هذا المصطلح في كتب التاريخ في منتصف الحقبة التي عاشوا فيها، وكان ذلك خلال القرن العاشر الميلادي، حيث انتهى عصر الفايكنيجْ في نهاية القرن الحادي عش الميلادي.
ما أصل الفايكنج ومن أين أتوا
ظهرت أصول الفايكنيجْ لأول مرة عند مهاجمتهم مجموعة من السواحل البريطانية والفرنسية وبلاد أوربية أخرى، وكان ذلك في نهاية القرن الثامن الميلادي، وأصبح مصطلع الفايكنيجْ يتم استخدامه للإشارة إلى من يقطنون المناطق الاسكندنافية، وهم الدول التالية: “السويد والدنمارك والنرويح وآيسلندا”، وبالرغم من أن الفايكنج اكتسبوا سمعة سيئة بسبب الطبيعة الوحشية والوثنية التي عاشوا بها، ولكنهم تحولوا إلى الديانة الديانة المسيحية واستقروا في البلاد الاسكندنافية التي قاموا بمهاجمتها فيما قبل، كما قام الفايكنيجْ ببناء مستوطنات جديدة في آيسلندا وأمريكا الشمالية، وأماكن متفرقة حول المحيط الأطلسي، الأمر الذي جعل الفايكنيجْ يندمجون بشكل كبير مع البشر الآخرين، ونتيجة لذلك أصبح منهم المزارعون ووالحكام والمحاربين، ولم يقتصر وجود الفايكنيجْ فقط على القرصنة وغزو البحار، دخل الفايكنيجْ في معارك عديدة، ولكن تعتبر معركة جسر ستامفورد عام 1066 هي بمثابة سطر النهاية في قصة وحقبة الفايكنيجْ.
بداية عصر الفايكنج
اكتسب الفاينكنج شهرتهم من خلال الوحشية، حيث بدأ عصرهم من خلال حدث دموي مأسوي تم تسجيله في التاريخ عام 793، وكانت عندما قام حوالي 100 رجل مُسلحين من قوات الفايكنج بالإبحار إلى جزيرة “لينديس فارن” التي كانت تقع في نورثمبريا في شمال شرق بريطانيا، وهناك أقاويل من بعض المؤرخين “راغنار لوثبروك” القائد الأسطوري النوردي كان قائد تلك الحملة، حيث وجد المحاربون الفايكنج ديرًا بحتوي على رهبان مستسلمين، بالإضافة إلى احتواء الدير على مقتنيات ذهبية وفضية تصل إلى حد الكنزور، الأمر الذي شجع الفايكنج على اعتبار تلك الكنوز غنائم لهم، وذلك بعدما قاموا بقتل رهبان الدير بكل وحشية، ثم قاموا بصلب جثمان الراهب الأكبر ترويعًا للجميع، وكان عالم اللاهوتي والشاعر آلكوين قد كتب عن هذه المجزرة التي عاصرها وقال:
كانت تلك نقطة البداية في سلسلة من الهجمات البربرية والوثنية المتتالية للفايكنج، وأصبح الفايكنج أكثر الجيوش وحشية حيث تم تصوريهم في سجلات إنجلترا في فترة القرون الوسطى أنهم “ذئاب مفترسون بين الخراف”، لكن كانت لهجمات الفايكنج آنذاك نوايا أخرى غير التعطش للدماء، وكانت أهم تلك الأسباب الزيادة السكانية التي شهدتها بلاد الفايكينج والتي كانت بسبب زواج الرجل في عهد الفايكينج من أكثر من زوجة واحدةو بالتالي كانت أعدادهم تتزايد بشكل مبالغ فيه، الأمر الذي أثر بالسلب على الأراضي الزراعية آنذاك، وبالتالي أكثر من وجد أزمة في الحياة آنذاك هو الفلاح البسيط، بالإضافة إلى طبيعة المناخ والتربة في تلك البلاد آنذاك، الأمر الذي سبب مجاعات كثيرة، لذا كان ذلك السبب الآخر الذي سبب في هجمات الفايكنح.
لغة الفايكنج
كان الفايكنيجْ يتحدثون اللغة الإسكندناوية القديمة، والتي يُطلق عليها اسم النوردية القديمة أو النرمانية القديمة، وهي لغة تتكون من 16 حرف بشكل مستقيم، وكانت لتلك اللغة تأثير على ابتكار اللغات الحديثة في السويد والدنمارك وآيسلندا، ولكن تبقى اللغة الآيسلندية أقرب في حروفها وطريقة لفظها إلى اللغة الإسكندناوية القديمة “النوردية القديمة”، والتي ما زالت موجودة إلى الآن، حيث أن هناك مدينة واحدة في السويد ما زالت تتحدث النوردية القديمة، وهي مدينة “ألفدالن”، وقد تم استخدامها حتى عام 1950، وبسبب استخدامهم لتلك اللغة استمرت هذه المدينة في انقطاع تام عن العالم الخارجي حتى وقت قريب، الأمر الذي ساعد في بقاء ثقافة وتاريخ الفايكنيجْ على قيد الحياة.
الميثولوجيا النوردية وأساطير الفايكينج
استطاعت ميثولوجيا الفايكنج أن تؤثر على مجالات الفنون والخيال، حيث كانت المادة الخام التي قام الكثير من المؤلفين والمنتجين والموسيقيين والرسّامين بالبناء عليها، ومن ثم تقديم أشكال عديدة من الفنون، ففي القرن العشرون والحادي والعشرون تم إنتاج الكثير من الأفلام التي تتحدث عن فترة الفايكينج، مثل ثلاثية “تولكين سيد الخواتم”، وكانت أشهر الأعمال الفنية التي تم اقتباسها من قصص الفايكينج كانت سلسلة قصص البطل الخارق “ثور”، التي قام ستان لي بتأليفها وقامت “مارفل كومكس” بإنتاجها، وتحولت بعد ذلك لسلسلة أفلام شهيرة، حيث كان ثور هو إله الرعد عند الفايكينج كأحد الآله الذي قام الفايكينج بعبادتها، كما تم كتابة الكثير من المؤلفات والأغانيات التي تتحدث عن اسطورة الفايكينج، وكما تم تأسيس العديد من ألعاب الفيديو من الميثولوجيا النوردية مثل لعبة “وورلد أوف ووركرافت” ولعبة “إله الحرب”.
الدين ومعتقداته عند الفايكنج
اتبع الفايكينج في بداية ظهورهم بعض الديانات الوثنية التي كانت تتشابه مع معظم القبائل الألمانية مثل الديانة النوردية، مثل عبادة إله الحرب والحكمة والموت “أودين”، وإله الرعد “ثور”، وإله الذوء “بالدر”، وإله الجمال “فرييا”، والعديد من الآله الأخرى مثل هيمدال ولوكي ويورد وفريي وأيدون، وكل هذه الآله تم تصويرها في الميثولوجيا الحديثة من خلال الأعمال الفنية المقتبسة عن قصص الفايكينج مثل سلسلة أفلام البطل الخارق “ثور”، وقام الفايكنيج بإطلاق مصطلح “فالهالا” على الجنة، حيث كان هناك اعتقاد سائد لدى محاربو الفايكنج بأنهم إذا ماتوا بشكل أثناء غزواتهم وحروبهم بشكل بطولي فإنهم سيدعون للسكن مع أودين إله الحرب والحكمة في فالهالا “الجنة” في قصر الملك في عالم الآلهة، ثم يقوم الأبطال الراحلون بالتحضير إلى حرب كبيرة مع أودين لمواجهة مجموعة كبيرة من العمالقة الأشرار التي يقودهم الإله “لوكي”، وتجدر الإشارة إلى أن أموت الفايكينج كانوا يتم إحراقهم في سفن في وسط البحر اعتقادًا في بعثهم ف الحياة الأخرى.
كانت الديانة النوردية الت ياتبعها الفايكنج قبل اعتناقهم للمسيحية ديانة تعتمد على الرويات وبيس لها أصل كتابي، حيث كانوا يتناقلون المعتقدات الدينية بشكل شفهي وليس كتابي، كما كان لا يوجد هناك معابد دينية للفايكينج يمارسون فيها طقوسهم الدينية، بل كانت أمكانهم المقدسة مرتبطة بالحدائق وضفاف الأنهار، وكانوا تابعين إلى المكتب الكهنوتي الذي كان يُعطي الحق للكاهن تقديم القرابين، وكانت تلك القرابين أغراض ثمينة أو حيوانات وأحيانا البشر أنفسهم.
طبقات مجتمع الفايكنج
انقسم مجتمع الفايكينج مثل جميع المجتمعات إلى ثلاث طبقات، وهم كالتالي:
- الطبقة الأولى: طبقة النبلاء المكونة من الملوك والأثرياء.
- الطبقة الثانية: والتي تكونت من الأحرار والمزارعين الكبار والتجار وموظفو الدولة.
- الطبقة الثالثة: وكانت تلك طبقة العبيد والرقيق، وكانوا عبيد الوراثة أو كانوا أسرى الحروب.
وتجدر الإشارة إلى أن الرجل كان هو السيد الأمر النناهي في عصر الفايكينج، وبالرغم من ذلك كانت المرأة تمتع بحقوق كثيرة، وكان الرجال الأثرياء يتزوجون أكثر من واحدة، الأمر الذي تسبب في ولادة الكثير من الأبناء وبالتالي زيادة عددهم، الأمر الذي جلعهم يجتاحون بلاد إسكندينافيا.
قانون شعب الفايكنج
لم يكن هناك أي قوانين مكتوبة لدى الفايكينج كحال الدين، ولكنهم استطاع الفايكينج التأثير على القانون بشكل كبير يظهر إلى يومنا هذا، وخاصة في الدول التي تنطق باللغة الإنجليزية، وذلك لأن كلمة“Law” أي قانون باللغة الإنجليزية هي كلمة تم اقتباسها من شعب الفايكنج، بالإضافة إلى امتلاك الفايكنج مجموعة من اللوائح التي كانت تقوم بضبط النظام في كل منطقة، وكانت أهم تلك الأنظمة إلزام الفايكنج بحضور اجتماع كان يُطلق عليه “الحدث أو المسألة” والذي كان مسؤل عن حل جميع المشكلات والمسائل القانونية، وكان ذلك الاجتماع من أهم الأحداث القانونية التي تتم في بلاد الفايكنج، حيث كان من الممكن أن يستمر لمدة أيام متواصلة.
المرأة في عهد الفايكنج
تمتعت نساء الفايكينج بالعديد من الحقوق والاحترام عن غيرها من نساء المجتمعات الأوروبية آنذاك، حيث كان بإمكان النساء تولي السلطة مثل الرجال، كما كانت النساء تعمل كحارسات للمفاتيح والأملاك والثروات للملوك والملكات، وكانت النساء هي المسؤلة عن ثروات رجالهن خاصة أثناء خروج الرجال في الحملات والحروب الخارجية، بالإضافة إلى دخول العديد من النساء للتدريب على القيادة العسكرية، وهناك وصف تاريخي لمحاربات الفايكنج من صفوف النساء.
سفن وقوارب الفايكنجْ
اشتهر الفايكنيجْ بمهارتهم في بناء السفن والقوارب البحرية، وذلك لأن بدايتهم كانت من خلال القرصنة والإبحار طوال الوقت، كما قاموا بحملات عسكرية بحرية في الدول الاسكندنافية، وكان لديهم مراكز كبيرة لتصنيع السفن، حيث قام الفايكنيجْ برحلات بحرية وحملات عسكرية، وكانت صناعة السفن هي الصناعة الأساسية للفايكنيجْ إلى أن اعتنق الكثير من الفايكنيجْ المسيحية، واستوطنوا الأراضي الاسكندنافية أصبح لديهم العديد من الأنشطة الأخرى مثل الأنشطة الزراعية، وصيد الأسماك.
نهاية الفايكنج
كما ذكرنا سابقًا فإن الفايكينج اشتهروا بخوض العديد من المعارك البحرية، ولكن انتهت حقبة الفايكنيجْ في معركة “جسر ستامفورد” عام 1066، وكانت تلك الغزوة الأخيرة لهم في الأراضي الإنجليزية بقيادة النرويجي “هارالد الثالث”، وبذلك انتهى عصر الفايكنج بتأسيس السلطة الحاكمة في الدول الاسكندنافية، ثم اتخذوا الديانة المسيحية أساسًا لمعتقداتهم الدينية، وكانت نهاية الفايككنيج قد سُجلت بنهاية القرن الحادي عشر في الدول الإسكندنافية الثلاثة، حيث كانت نهايتهم في النرويج من خلال معركة ستيكلي ستاد التي تلقى فيها الفايكنيج الهزيمة عام 1030، وكان جيش الفايكنيج بقيادة “أولاف هارالادسون” أو كما كان يُطلق عليها آنذاك “القديس أولاف”.
من هم الفايكينج الآن
بعد هزيمة الفايكنج وانتهاء عصرهم في نهاية القرن الحادي عشر، كانت قد أصبحت الكنيسة الكاثوليكية أكثر تأثيرًا في البلاد الأوروبية، الأمر الذي قاد ما تبقى من الفايكنج إلى اعتناق الديانة المسيحية، واتباع قواعدها وأنظمتها، ومن ثم اتباع ملوك أوروبا واتخاذهم كمثل عليا جديدة، الأمر الذي جعلهم يتركون الغزوات والحروب ليتعايشوا في أراضيهم، والآن قد بقي من الفايكنج الدنماركيون والسويديون والنرويجيون والآيسلنديون وسكان جريند لاند، وهي أحد مدن الدنمارك.