سؤال وجواب
بماذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن الصادق في كثرة ما يصيبه من البلاء
بماذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن الصادق في كثرة ما يصيبه من البلاء
نجيب عن سؤال شائع ألا، وهو: بماذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن الصادق في كثرة ما يصيبه من البلاء؟ من خلال ما يلي:
- شبه النبي – صلَّ الله عليه وسلم – المؤمن الصادق في كثرة ما يصيبه من البلاء بالنبات الرطب الصغير، وقد ورد الحديث في براويتين مختلفتين أحدهما مثبت في صحيح مسلم، والآخر في صحيح البخاري نستعرض كلاهما من خلال ما يلي:
- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال الرسول – صلَّ الله عيه وسلم – : “مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ لا تَزالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ، ولا يَزالُ المُؤْمِنُ يُصِيبُهُ البَلاءُ، ومَثَلُ المُنافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الأرْزِ، لا تَهْتَزُّ حتَّى تَسْتَحْصِدَ. غيرَ أنَّ في حَديثِ عبدِ الرَّزّاقِ، مَكانَ قَوْلِهِ: تُمِيلُهُ، تُفِيئُهُ.” (صحيح مسلم).
- عن كعب بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي – صلَّ الله عليه وسلم – قال: “مَثَلُ المُؤْمِنِ كَالخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً، وتَعْدِلُهَا مَرَّةً، ومَثَلُ المُنَافِقِ كَالأرْزَةِ، لا تَزَالُ حتَّى يَكونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً واحِدَةً.” (صحيح البخاري).
- لقد ضرب الله لنا العديد من الأمثلة في القرآن الكريم، وكذلك النبي محمد – صلَّ الله عليه وسلم – في الكثير من الأحاديث النبوية.
- يرجع السبب في ذلك إلى أن ضرب الأمثلة، واستخدام التشبيه ييسّر فهم المعنى المراد، ويجعل الإنسان أكثر استيعابًا لمقصود الكلام، كما أنه يثبت المعنى في ذهن السامع.
- اعتمد النبي – صلَّ الله عليه وسلم – في الحديث الشريف على تشبيه رائع لتوضيح الفرق بين المؤمن، والمنافق حين ينزل عليه البلاء من قبل الله – عز وجل – وكيف يكون أثره عليه.
- شبه النبي – صلَّ الله عليه وسلم – المؤمن ب “الخَامَةِ مِن الزَّرعِ” وهي عبارة عن نبتة طرية غضة تتمايل تلك النبتة مع الرياح، فنجدها مرة معتدلة، ومرة مائلة.
- على حين أن المنافق يشبه “الأَرْزَةِ”، وهو نوع من الشجر المتعارف عليه يطلق عليه اسم “الأَرْزَنُ” قال البعض أنه شجر الصنوبر، أو ذكر الصنوبر، والبعض الآخر قال أنه شبيه بشجر الصنوبر.
- يعرف أن هذا النوع من الشجر يعيش لأعوام مديدة، وعمره طويل، وتلك الشجرة من خصائصها أنها ثابتة صماء صلبة، ويتم انقلاعها أو “انْجِعَافُهَا” مرة واحدة.
شبة النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن في كثرة ما يصيبه من البلاء وخضوعه لأمر الله
نستكمل شرح حديث رسول الله – صلَّ الله عليه وسلم – من خلال ما يلي:
- يقصد رسول الله – صلَّ الله عليه وسلم – بتشبيه المؤمن بالنبات الطري الغض، وتشبيه الكافر بتلك الشجرة الصماء أن المؤمن إذا نزل عليه البلاء رضي به.
- تجد المؤمن إذا أنعم الله عليه بنعمة، أو رزقه بخير شكر الله – عز وجل في حين أنه إذا ابتلاه الله صبر، وعلم أنه له في مصابه أجرًا عظيمًا.
- ومن المؤمنين من نظر إلى هذا البلاء على أنه من تدبير لله له، وأنه هو صاحب الملك فسلم لقضاء الله، وقدره، ولم يجزع، ولم يعترض.
- يعد هذا التشبيه تشبيهًا دقيقًا للغاية فكما أن النبات الغض الطري يتمايل مع حركة الرباح، فإ الإنسان المؤمن حين تنزل عليه مصيبه يميل، ويرضى، ويسير مع قدر الله له.
- وإذا نزل عليه نعمة اعتدل شاكرًا، وعلم أنها من قبل الله – عز وجل – فهو راض سواء أصابه خيرًا، أو شرًا، فكلاهما من عند الله سبحانه وتعالى.
- بينما شبه الرسول – صلَّ الله عليه وسلم – المنافق بالأرزة أي أن الله لا يتفقده بابتلائه، بل على العكس ييسر له دنياه تيسيرًا كبيرًا، حتى إذا فاضت روحه إلى بارئها تعسر حسابه.
- وأشار النبي – عليه الصلاة والسلام – أن روح المنافق يقتلعها الله كاقتلاع شجرة الأرزة أي بشدة، تصيب نفسه بالألم الشديد، فيرى أشد ألوان العذاب حين موته.
- خلاصة القول: أن النبي يريد أن يعلمنا أن بلاء المؤمن يكون من رحمة الله به، وفيه كل اللطف، فبه يعظم أجره، ويخفف الله عنه حسابه في الآخرة، ولكن المنافق تفتح له أبواب الدنيا حتى إذا انقضى أجله رأى من ألوان العذاب ما لم يخطر على باله.
سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أشد الناس بلاء فقال
نتناول حديث آخر من السنة النبوية يتناول قضية الصبر على البلاء، ونتعرف من خلاله على أشد الناس بلاء في الدنيا من خلال ما يلي:
- ورد عن الصحابي – سعد بن أبي وقاص – أنه قال: “قلتُ : يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً ؟ قال : الأنبياءُ ثمَّ الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلَى الرَّجلُ على حسْبِ دِينِه ، فإن كان دِينُه صُلبًا اشتدَّ بلاؤُه ، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ ابتلاه اللهُ على حسْبِ دِينِه فما يبرَحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يمشيَ على الأرضِ وما عليه خطيئةٌ.”
- يسأل الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – النبي – صلَّ الله عليه وسلم – عن أكثر الناس التي يختارها الله – عز وجل – من بين عباده لينزل عليها البلايا، والمصائب.
- أجابه الرسول – عليه الصلاة والسلام – أن أثقلهم بلاءً هم الأنبياء ثم بعد ذلك ما هم أقرب إلى الأنبياء من حيث الصلاح، وقوة الإيمان لديهم، وقدر تشبههم بأخلاق الأنبياء.
- فإذا كان العبد شديد الإيمان بالله، وإيمانه قوي كثرت عليه المصائب، ونزلت عليه الشدائد، ولكن إذا العبد إيمانه ضعيفًا نزل به بلاءً خفيفًا على قدر دينه.
- قد يظن البعض أن البلاء من غضب الله على العبد، أو أنه لا الله لا يحبه، وهذا خطأ شائع، فالعبد المؤمن ينزل الله – عز وجل – البلاء عليه؛ لأنه يريد أن يغفر به خطاياه، ويرفع به منزلته في الآخرة.
- حتى يصبح بلا خطيئة، ويلقى الله – سبحانه وتعالى – ما عليه من ذنب، فقد غفر الله ذنوبه جميعًا بفضل تلك الابتلاءات الشديدة.
- نتعلم من هذا الحديث أن البلاء ينزل على العبد ليطهره تطهيرًا، فمن منا لم يخطئ، ومن منا لم يذنب، ومن منا لم يأت ما حرم الله، ولكن العبد المؤمن يريد الله به خيرًا، فتتوالى عليه المصائب حتى إذا قبضت روحه وجد من الله ما لم يخطر على باله.
الصبر على المصائب والابتلاءات والمحن
نتابع الحديث عن فضل الصبر على البلاء، والمصائب من خلال ما يلي:
- ورد عن الصحاب – أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلَّ الله عليه وسلم – قال: “إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاءِ ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم ، فمَن رَضي فله الرِّضَى ، ومَن سخِط فله السَّخطُ..”
- يشير الحديث الشريف إلى أن البلاء ينزل على المسلم لخير أراده الله له، وكلما كان البلاء على المرء شديدًا منحه الله – عز وجل – أجرًا عظيمًا.
- وينقسم الناس في البلاء إلى نوعين منهم من يرضى، وقد وعد الله سبحانه تلك الفئة بالجزاء العظيم في الآخرة، ومنهم من يسخط، ويكره تلك البلايا فتكون له عذاب في الدنيا.
- لأنهم لم يرضوا بقضاء الله، وقدره، ويحرموا من ثواب الله – سبحانه وتعالى – في الآخرة، وبذلك يكونوا قد خسروا الدنيا، والآخرة.
- فإذا نزلت عليك أخي المسلم مصيبة اصبر، واحتسب، وظن بالله كل الخير أعطاك ما ظنن، وضاعف لك أجرك، ورفع عنك البلاء.